ها هي الثورة العفوية في مصر اليوم تأتي لتعطي نفسا جديدا لحركية الشعوب.وتعطي إنذارا آخر لحكام العرب ليعلموا جيدا أنه لا مكان للدكتاتورية ودولة البوليس والحزب الواحد في الوطن العربي ،فهذا الحدث العظيم أربك حسابات الساسة العرب حيت وجدوا أنفسهم في مأزق خطير جراء انتقال عدوى تونس إلى أغلب الدول العربية ،وبالتالي نار البوعزيزي لم تحرق جسده فحسب،بل أحرقت معه قلوب حكام الديكتاتورية والطغيان في العالم الإسلامي بأسره.فهؤلاء الساسة فهموا أخيرا حيت لا ينفعهم فهمهم شيئا ،أن علاقتهم بشعوبهم يجب أن تكون بقدر كبير من التوازن بين مصالحهم الشخصية من جهة وبين متطلبات شعوبهم من جهة أخرى.وأن هذه السلطة الممنوحة لهم ما منحت لهم إلا لأجل تسخيرها لإكرام شعوبها لا لدوسها.وهذا ما يفسر الإجراءات الإستباقية التي قامت بها عدة بلدان عربية لاسيما الجزائر التي باتت تحس بقرب موعدها ،فسارعت بتبني عدة إصلاحات في الأيام القليلة الماضية،وأبرزها طرح مشروع قانون لإلغاء حالة الطوارئ المعمول بها في البلد حوالي عقدين من الزمن.
وإذا تتبعنا ردود الفعل من الدول الكبرى حيال الأوضاع في مصر، نرى أنه يتميز بنوع من الارتباك الواضح ،فمرة تقول بأنها تدعم مطالب الشعب ومرة أخرى تعلن أنها تتق باستقرار حكومة مبارك وقدرتها على الانحناء أمام العاصفة حتى تمر،لكن صمود المتظاهرين في وجه آلة القمع .غير نوعا ما من لهجة هذه الدول خصوصا الولايات المفترسة الأمريكية التي طالبت من حليفة الأمس الإسراع بانتقال سلمي للسلطة دون تحديد مقومات هذا ألانتقال.فيمكن إذا أن نخلص أن أمريكا ضاقت درعا بهذه الأنظمة الطاغية التي عثت في بلدانها فسادا وتقتيلا، وتريد تغييرها بما يضمن مصالحها داخل هذه البلدان أولا،وتحقيق مطالب شعوب المنطقة ثانيا والمتمثلة فقط في حرية التعبير والعيش الكريم.فأمريكا ليست إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء فهي تمسك العصا من النصف وتعلن دائما عن حيادها رغم تورطها المكشوف والواضح وضوح الشمس في كبد السماء .وهذا ما يفسر سعيها لفرض اسم جديد على هرم السلطة في مصر للإجهاض أي نظام لا يراعي أطماعها خاصة وأطماع صنيعتها إسرائيل والدول الكبرى عامة.
أخيرا نناشد كل حكومات الأحزاب الواحدة أن يعتبروا من درس بنعي ومبارك قبل يتمنوا الموت على أرض بلدانهم ولا يجدونه.ونقول لمبارك ارحل وإلا فإنك ستموت حقا على أرض الكنانة كما تريد، لكن بسكتة قلبية.
مبارك السمان