طباعة المصاحف
ظهر أوّل مصحف مطبوع بالطباعة الحديثة في منتصف القرن السادس عشر الميلادي في مدينة فينيسيا في إيطاليا " Paganino de Paginate ثم طبع مصحف آخر في القرن السابع عشر بمدينة فينيسيا أيضاً وعرف بمصحف "Paduaس وكذلك في نفس القرن طبع في ألمانيا مصحف عرف بمصحف "Henkelman" نسبة إلى المطبعة التي طبعته. ثم كثرت المطابع التي تهتم بطباعة القرآن الكريم في الغرب في القرن الثامن عشر. وقد اعتنت البلاد الإسلامية منذ القرن التاسع عشر بطباعة المصحف الشريف.
لقد كانت طباعة المصاحف في البداية تشتمل على أخطاء ترجع إلى خصوصيات الأحرف الطباعية، وقد بذلت المطابع في الشرق والغرب جهداً محموداً لتلافي أيّ خطأ طباعي يقع في المصاحف، لأنّ ذلك كان يؤدي إلى خسائر كبيرة بسبب إعراض الناس عن شراء المصاحف المحتوية على أخطاء.
وفي عصرنا الحاضر يمكن الحصول على المصاحف المطبوعة والمدققة من أيّ مكان في العالم، فقد أصبحت المطابع تستعمل تقنيات معاصرة لمراجعة النصوص تحت إشراف المتخصصين.
ولا تلغي المطابع الحديثة دور الخطاطين، إذ أنّ الطباعة تعتمد على نقل صورة الأحرف المرسومة باليد، ولكن ظهور الحاسوب أدى إلى حصر أنواع الخطوط الطباعية في عدد محدود يتناسب مع مجهودات المبرمجين في التغلب على الصعوبات الخاصة ببرمجة أشكال الخطوط وعلامات الإعجام، تلك المجهودات التي تحقق نجاحاً يوما بعد يوم، وسوف تصل في عهد قريب إلى استيعاب كافة أشكال الخط العربي وخصائصه الجمالية والإبداعية. وقد أُعدّت برامج حديثة للحاسوب تحتفظ للخط العربيبخاصية رسم كتابة المصحف العثماني، وحقق ذلك تقدماً كبيراً في مجال النشر الحديث للمصاحف.
ولا نذكر طباعة المصاحف إلا ويذكر معها أعظم موسسة قائمة على هذا العمل الجليل مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، الذي أتاح لكل فرد في أيّ مكان كان إمكانية الحصول على مصحف يحفظ بين دفتيه كتاب الله العزيز بغير مشقة وبالمجان إن أراد.
وفيما يتعلق بفنّ الخطوط العربية نذكر قدرة الحاسوب على الطباعة التصويرية التي يحتفظ فيها المخطوط اليدوي بكافة خصائصه وألوانه وزخارفه، فينقله الحاسوب إلى عملية الطباعة الملونة ليخرج بآلاف النسخ. وبذلك يمكن إخراج مصاحف ورقية وأسطوانات حاسوب وأفلام دقيقة، وموسوعات تشمل ضروب الخط العربي وخصائصه الجمالية والإبداعية وتطوره التاريخي منذ نشأته حتى عصرنا الحاضر.