استكملت مدينة الرباط استعداداتها للاحتفال طيلة أسبوع (من 17 إلى 24 أبريل الجاري)،بالذكرى الأربعين ليوم الأرض،وذلك بعدما اختارتها جمعية "أورث داي نيتوورك" لتكون هذه السنة عاصمة عالمية للمحافظة على البيئة ويأتي اختيار العاصمة الرباط لتشكل المدينة الأولى ضمن احتفالية الذكرى الأربعين ليوم الأرض نظرا لما تحقق في المغرب من تقدم ملموس في مجال البيئة والذي تجسد من خلال الأوراش الكبرى التي أطلقتها المملكة في هذا الميدان وعلى رأسها الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة.
وقد لقي هذا الاختيار ترحيبا في وسائل الإعلام الأجنبية حيث كتبت مجلة (الواشنطن ديبلومات) الأمريكية أن اختيار الرباط يكرس المغرب كبلد "يعطي النموذج" في مجال البيئة بقيادة الملك محمد السادس.
وأبرزت هذه المجلة الشهرية أنه "على الصعيد الدولي، تعطي المملكة النموذج بفضل التزام الملك محمد السادس بجعل المغرب بلدا يحترم البيئة وتحويل عاصمة المملكة العريقة إلى مدينة خضراء". ويستعد المغرب ليكون في مستوى هذا الحدث العالمي الكبير،حيث يتم إعداد مشاريع بارزة من شأنها المحافظة على البيئة والتي ستعطى انطلاقتها بمناسبة الاحتفاء بيوم الأرض. ويتعلق الأمر بإعادة تهيئة ميدان "المصلى" بالرباط،ومعالجة النفايات بالمحمدية وبنسليمان،والمحافظة على النظام البيئي بخليجي مارتيل وأكادير،والقضاء على الأكياس البلاستيكية في جميع مناطق المملكة،ومحاربة التصحر بجهتي الشاوية-ورديغة والعيون،وتأهيل أهم أحواض السدود لممارسة أنشطة صيد السمك،وإحداث المرصد الوطني للبيئة والتنمية المستدامة،وتعميم البرنامج المتعلق بالتربية البيئية بمختلف المؤسسات التعليمية،فضلا عن برنامج إنتاج الطاقة بتثمين الغاز بمطرح الولجة بمدينة سلا. كما تتخذ مجموعة من التدابير والإجراءات الضرورية لتمكين المدينة من تنظيم التظاهرات المقررة فيها،وإعطاء انطلاقة هذا الحدث الذي ستعلن خلاله الرباط مدينة خضراء. ويشارك في هذه المجهودات الهامة مختلف المتدخلين من قطاعات حكومية ومنتخبين ومنظمات للمجتمع المدني بشكل شامل وفعال لإنجاح هذه التظاهرة التي يحظى المغرب بشرف احتضانها. وتنظم،في هذا السياق،حملة تواصلية تعريفية ببرنامج الاحتفالات والتظاهرات التي ستعرفها العاصمة،وذلك من خلال 177 مبادرة خضراء تندرج كلها في إطار حماية البيئة والتنمية المستدامة.
كما سيتم تنظيم عدد من الأنشطة التحسيسية لفائدة شبكة واسعة من المواطنين في مختلف جهات المملكة.
وهكذا،تستعد مختلف المؤسسات التعليمية للاحتفاء بالذكرى الأربعين ليوم الأرض، عبر تنظيم أنشطة للاحتفال بأيام المشاركة يومي 17 و18 أبريل الجاري،من خلال برامج محلية وإقليمية وجهوية أعدتها الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. ويشتمل برنامج هذه الاحتفالات على عروض وندوات وورشات للرسم والمسرح والبستنة وتزيين حجرات الدراسة ونظافة المؤسسات ومحيطها،وكذا القيام بخرجات دراسية وبمبادرات فردية وجماعية للتدبير المستدام للموارد الطاقية والمائية،إضافة إلى تنظيم منتديات ومعارض لمنتجات وإبداعات الأندية التربوية. كما قررت مدينة آسفي جعل 18 أبريل الجاري "يوما بدون سيارة" وهي مبادرة تروم تعزيز الالتزامات البيئية والنهوض بالوعي البيئي لدى المواطنين،وذلك من خلال تنظيم أنشطة تحسيسية وتوعوية متنوعة بهذاالخصوص. وسيقوم المجلس الجماعي لمدينة الرباط بتنظيم مباراة لفائدة ساكنة العاصمة،وذلك لاختيار أحسن لوحة إشهارية تعبر عن احتفالية يوم الأرض الذي يصادف يوم 22 أبريل من كل سنة. إعلان الرباط مدينة خضراء عاصمة المملكة تتنفس برئة خضراء هواء التنمية المستدامة المنشغلة بمستقبل الكوكب الأزرق
بمجال أخضر يصل إلى 230 هكتارا وحزام أخضر تبلغ مساحته 1063 هكتار، استحقت مدينة الرباط أن يتم إعلانها مدينة خضراء، وذلك بمناسبة الذكرى الأربعين للاحتفاء بيوم الأرض. مكتسية حلتها الخضراء إذن، تستعد العاصمة الإدارية للمملكة، لتخلد في 22 أبريل المقبل الذكرى الأربعين لإعلان الاحتفاء بيوم الأرض، من خلال مجموعة من التدابير والترتيبات وكذا المشاريع المهيكلة المنجزة أو التي هي في طور الإنجاز، إضافة إلى المبادرات المقترحة من طرف منظمات المجتمع المدني الناشطة بالمدينة. وفي سياق هذه الاستعدادات، تم أمس الجمعة بالرباط، خلال اجتماع حول الاحتفاء بهذا اليوم ترأسه الوزير الأول السيد عباس الفاسي تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، الإعلان عن اختيار يوم 14 يناير الجاري لإعطاء الانطلاقة للإعداد للاحتفاء بيوم الأرض، علاوة على تنظيم أيام جهوية للتشاور حول قضايا البيئة، وعلى الخصوص، مشروع الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة وتندرج هذه الدينامية الجديدة التي يشهدها المغرب، في إطار سعي المغرب الحثيث، نحو بلورة مشاريع تعكس الانخراط الجدي والعميق للمملكة، في سياق الانشغال العالمي بمستقبل الكوكب الأزرق.
انشغال متزايد للمغرب بمستقبل الكرة الأرضية وتحقيق التنمية المستدامةدعا صاحب الجلالة الملك محمد السادس في الرسالة التي وجهها إلى قمة كوبنهاغن حول المناخ، إلى قيام مؤسسة بيئية دولية، قوية وذات سلطة علمية ومعنوية، باعتبارها ضرورة ملحة، لرفع التحديات البيئية المصيرية، الراهنة والمستقبلية"، مجددا بذلك التأكيد على أولوية قضايا البيئة في صلب برامج التنمية المستدامة بالمغرب. كما عبرت الرسالة الملكية إلى المشاركين في الندوة الدولية حول التغيرات المناخية، ( الرباط 16 أكتوبر الماضي )، أبلغ ما يكون التعبير عن هذه العلاقة، بقول جلالته " إن من شأن التدهور الشامل لجميع الأنظمة البيئية، الأرضية والبحرية والساحلية، أن يفضي إلى اختلالات نوعية في توازنها وإلى تهديد التنمية، سواء بالنسبة للأجيال الحاضرة أو المستقبلية "، مضيفا جلالته أن " الرهان يكمن في القدرة على المزاوجة بين التنمية، وبين الحرص على الحد من الغازات، والاقتصاد في الموارد الطبيعية". فالرهان الذي يطرح نفسه بحدة، يتمثل في القدرة على تعبئة الطاقات والموارد من أجل النهوض بثقافة بيئية تزاوج بين الحفاظ على الثروات الطبيعية، ورفع تحدي التنمية المستدامة بالتجمعات السكانية المستقبلية. الأحزمة الخضراء : درع منيع للمدن أمام التوسع العمراني والصناعي المتسارع
بمثابة رئة خضراء، يمتد الحزام الأخضر المحيط بمدينة الرباط ونواحيها درعا منيعا يساهم في تحصين المدينة من تبعات الزحف العمراني المتواصل. فالأحزمة الخضراء التي تحيط بعدد من المدن، تساهم بشكل كبير في التقريب بين المجال الطبيعي والتجمعات السكانية، كما تساعد المساحات الشاسعة من الأشجار والنباتات في ترطيب وتنقية الجو وامتصاص جزء من الملوثات الهوائية. وتعد المساحات الخضراء المحيطة بمدينة الرباط، سواء في شطرها الجنوبي الذي تلتقي فيه مع مدينة تمارة، أو الشمالي الذي تلتقي فيه مع مدينة سلا حيث يطمح مشروع تهيئة وادي أبي رقراق إلى تعزيز الفضاء الأخضر، بمثابة صمام الأمان الذي يحافظ على التوازن الإيكولوجي.
المدن الجديدة : تصور جديد لمفهوم المدينة الإيكولوجية في قلب منطقة الرحامنة، تراهن "المدينة الخضراء محمد السادس" التي سيتم تشييدها ببن جرير، على الحصول على أرقى شارة تمييزية بيئية على الصعيد الدولي. فبمناسبة إشراف صاحب الجلالة الملك محمد السادس على تدشين وإطلاق وتقديم عدد من البرامج والمشاريع التي تترجم على أرض الواقع التوجيهات الملكية السامية في مجال الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة، تسعى المدينة الجديدة التي تعد الأولى من نوعها في إفريقيا، إلى انتزاع اعتراف دولي باعتبارها مدينة تحترم المؤشرات والمعايير البيئية. وعلى غرار تامنصورت التي تنتصب مدينة خضراء على مشارف مراكش الحمراء، تفتح هذه المدينة الجديدة وكذا باقي التجمعات التي تدخل ضمن سياسة المدن الجديدة بالمغرب، الباب على مصراعيه أمام تنفيذ برامج واعدة تأخذ على عاتقها مسؤولية حماية التنوع الإيكولوجي والتوازن البيئي، وتسخيره لفائدة برامج ومشاريع التنمية المستدامة. فالمسؤولية المطروحة بحدة الآن، أكثر من أي وقت مضى، تتمثل في جعل المدن قاطرة للتنمية الواعية بالعواقب الوخيمة للتلوث وتدهور الموارد الطبيعية والأنظمة البيئية على المناخ، من خلال تقليص استهلاك الطاقات التقليدية، والانفتاح بشكل أكبر على الطاقات المتجددة والبديلة. إن الأمر يتعلق بتصور جديد يولي أهمية خاصة للتنمية المستدامة وحماية البيئة، يمثل ركيزة أساسية ضمن المخططات التنموية التي تقوم عليها سياسة المدن الجديدة بالمملكة، في أفق التخطيط لمستقبل أفضل للتجمعات السكانية التي ما فتئت وتيرتها تتسارع، لتطرح تحديات تنموية وبيئية جديدة.