ray عضو نشيط
عدد الرسائل : 202 العمر : 56 Localisation : es-smara النقاط المكتسبة من طرف العضو : 6281 خاصية الشكر : 0 تاريخ التسجيل : 08/07/2008
| موضوع: رسالة من السمارة إلى الحكومة المغربية الخميس 25 مارس 2010, 11:57 | |
| رسالة من السمارة إلى الحكومة المغربية التزاما بالأمانة الأدبية ،وباعجابي بالمقال الذي اطلعت عليه بموقع دفاتر تربوية لصاحبه كيليديتور ، يشرفني أن أطلع مبحري منتديات المغرب الملكي على هذا المقال الرائع
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++ المقال رائع ويستحق القراءة ++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++لا يختلف اثنان حول كون إقليم السمارة نائيا وصعبا في آن واحد. فالشهادات التي ينطق بها الزمان والمكان والتاريخ والجغرافيا، يترجمها واقع الحال، وتزكيها ذاكرة من أفنوا عمرهم بهذه البقعة الطيبة، التي تعرف طقسا حارا معظم شهور السنة، ناهيك عن ارتفاع مهول في درجة الحرارة تسجلها المدينة انطلاقا من شهر مارس، لتصل إلى أعلى درجة خلال شهري يوليوز وغشت... حرارة مفرطة يكاد الأوكسجين معها أن ينعدم في الأجواء، وتأتي ضراوتـُها على حياة بعض الرضع والشيوخ والنساء الحوامل والمرضى...فعلى سبيل المثال لا الحصر عرفت السنة الماضية وفاة العشرات من السكان بفعل تمدد زئبق محرار السمارة... فصيفا تعدو حاضرة شبه خالية لا يمكث بها إلا مضطر. ويكفي الحكومة شهادة، ما تذيعه القنوات السمعية البصرية الأرضية منها والفضائية، الوطنية منها والدولية، أن أعلى درجة حرارة بالمملكة تسجل بالسمارة... درجة حرارة مرتفعة تجعلها تعتلي أعلى منصة للتتويج بلا منازع، وتفوز بكل الألقاب، وهي تتجاوز بها مناطق أخرى ساخنة ، كطاطا ووارزازات الخ... فعلاوة على الأجواء الحامية للسمارة، تضيق أنفاس الساكنة بالهواء المشحون بأطنان الغبار التي تنفذ إلى رئاتهم بين شهيق وزفير. فالمشكل فضلا على أنه يهدد صحة المواطن ويجعله يتعايش مع أمراض مزمنة كالحساسية والربو، فهو يفتك بالأجهزة المنزلية ، وخصوصا الإلكترونية منها، ويضرب صلب القدرة الشرائية للمواطن الذي يكتوي من غلاء المعيشة، دون أن نحتسب توقف مروحيات خلفيات الثلاجات عن العمل أثناء الأيام المرتفعة الحرارة. أما عن الماء الصالح للشرب، فهو ليس كذلك بالسمارة، فما ينبغي تداوله محليا هو : الماء الغير الصالح للشرب، لأنه بوجيز العبارة أجَاجٌ ولا يُستعمل سوى للغسيل والاستحمام، ومن غامر واتخذه مشربَه اليَومي، فالمصير الصحي السيئ سيكون مآله الحتمي. فمكوناته كلسٌ وحديد وشوائب أخرى ... وما يمكن ملاحظته أن السمارة تعـَدُّ المدينة الوحيدة على الصعيد الوطني التي تجد فيها الساكنة، تتوفر بمنازلها على أصناف ثلاثة من الماء: ماء الغدير ( يتم جلبه بواسطة الشاحنات الصهريجية من مدينة طانطان)، ماء الصنبور المالح، وماء معدني قد يتوفر وقد لا يتوفر لشريحة عريضة من السكان. هذا دون أن ننسى الآثار الجانبية الخطيرة لماء الصنبور الذي ينخر الأسنان ويُعجِّل بتلاشيها، ويساهم بشكل كبير في تساقط الشعر، وفي الإضرار بالكلي...فالسمارة رغم صغرها، فهي تضم عددا كبيرا من مرضى السكري والكلي. وأمام عدم تفعيل المركز الخاص بتصفية الدم بالمستشفى الإقليمي، فإن المرضى يضطرون إلى التنقل إلى العيون وكلميم وأكادير، الأمر الذي يـُنهك مواردهم المالية ويـُفقر أهلهم وذويهم..بحيث نجد أن معظم هؤلاء من طبقة مسحوقة تعيش على الكفاف، وتعتمد على أجور الإنعاش الوطني أو الوظيفة العمومية المتفاوتة السلالم والقطاعات، أتت على أخضرها ويابسها اقتطاعاتٌ شهرية لشركات القروض، من أبناك ومؤسسات قروض الاستهلاك، والتي تعد ظروف المنطقة السبب الرئيسي فيها. ففي باقي المدن المغربية، يستطيع المرء أن يتنقل من نقطة إلى نقطة بسرعة وبأقل تكلفة، علما أن المسافات بين المدن قصيرة ولا تتعدى في مجملها الساعة أو الساعتين. فيما نجد في المقابل أن أقرب مدينة للسمارة هي مدينة طانطان، التي تبعد بثلاث ساعات ونصف، والعيون بثلاث ساعات، أما عن بقية المدن فحدِّث ولا حرج... كل هذه الاكراهات، إن لم تؤخذ بعين الاعتبار، ولم يتم تقديرها حق قدرها، واحتسابها معايير ومقاييس حقيقية، لإدراج إقليم السمارة ضمن المناطق النائية والصعبة ، فالأمر سيعدو ضربا من العبث والاستهتار بحياة مواطنين يقطنون بحاضرة نائية وصعبة بكل المقاييس...ومن خامره أدنى شك فليشـُدَّ الرِّحال إلى السمارة عبر الطريق الوطنية، ويستقل حافلة وينطلق من الرباط في رحلة طويلة إلى السمارة، ويقيمَ بها شهرا أو شهرين، شرط أن يقيم بمنزل بسيط متواضع التجهيز وليس به مكيف هواء، بحي طانطان أو الحي الحسني أو بمخيم الربيب أو الكايز... ساعتها سيبصم بالعشرة على إدراج السمارة ضمن المناطق النائية والصعبة، وسيقول لساكنتها : " بَازْ " ، وسيطلب " التـَّسليم من أهل المكان" ورجال البلاد... ورجوعا إلى الماضي القريب، كانت السمارة عبارة عن تجمع سكني صغير، يحتوي على الجنود المرابطين بثكناتها، وبعض الأسر من الرُّحَّل الذين تم استدراجهم للإقامة بها، قصد حمايتهم أثناء الاحتقان المسلح مع خصوم الوحدة الترابية للمغرب. وإنه ومباشرة بعد وقف إطلاق النار مع مطلع التسعينات من القرن الماضي عرفت المدينة نموا متزايدا واستقرارا ملحوظا، أنساها قذائف – الكـُورْ- ، و- رُوكِيتْ سْتـَالـِين- السوفيتية الصُّنع ، التي كانت تتساقط على المقيمين بها كأوراق الخريف، وتـُلحِق بهم الخسائر تلو الخسائر في الأرواح والمؤونة والعتاد، دون نسيان عدم توفر المدينة آنئذ على أدنى بنية تحتية. كان التنقل من وإلى السمارة يتم على متن سيارات – لـُونرُوفير- المحروسة من طرف القوات المسلحة الملكية، بحيث لا تتحرك عجلاتها إلا بترخيص من طرف السيد العامل الإقليمي. ناهيك عن الوقوف في طابور طويل لمدة ساعات من أجل التزود بلترات معدودة من ماء الشرب، إذ كان الناس يمضون ساعات متقدمة من الليل، يفترشون أثنائها الأرض ويلتحفون السماء في انتظار شاحنة صهريج قد تأتي وقد لا تأتي... وتعتبر السمارة المدينة الوحيدة التي تضم أكبر نسبة من ضحايا الألغام، حيث تأسست بها منذ مدة جمعية تـُعنى بهذه الفئة تطلق على نفسها اسم : " الجمعية المغربية لضحايا الألغام". أما التطبيب في السمارة فأمره مُطـَلـْسَـمٌ، وتقل خدماته عن مثيلاتها ببقية الجهات المغربية. فغياب التخصصات الضرورية ضرورة الماء والهواء والغذاء في حياة الإنسان المواطن، والبعد الكبير عن المراكز الاستشفائية الجامعية وغيرها، يجعل الأمن الصحي للمواطن قاب قوسين أو أدنى، بحيث نجد على سبيل المثال، أن معظم ساكنة وموظفي السمارة يفضلون أن تضع نساؤهم مواليدهن بمدن الشمال، لا من أجل التكاثر والموت كسمك السَّلـَمُون، بل تفاديا لخطر محتمَل قد يحصد حياة الأم ومولودها معا، وتجنبا لخطأ طبي قد تكون تبعاته وخيمة ومستديمة، يُقـْطـَعُ بها دابرُ الإنجاب والخلفة... | |
|