تقديم : العربي الراي/ رئيس جمعية آفاق للمقاولة والتنمية
نظم حزب الأصالة والمعاصرة يوم 15 فبراير 2010 بالعيون أرضية لقاء دراسي حول : " الجهوية والحكم الذاتي : نماذج مقارنة " إذ يأتي هذا اللقاء الدراسي كتتويج لسلسلة من اللقاءات السابقة نظمها حزب الأصالة والمعاصرة، في موضوع الجهوية في أبعادها المختلفة، كمحاولة منه لاستجلاء كنه الإشكالات التي يطرحها هذا الموضوع، وذلك انطلاقا من برنامج مسطر يستجيب لالتزاماته السياسية والوطنية والدستورية، وانطلاق ا من الانخراط الواعي والمسئول للحزب في الدينامية الإصلاحية المنبثقة عن هذا المشروع المجتمعي الكبير الذي دشنته بلادنا كتتويج لتراكم مؤسساتي على مدى عقود من خلال المبادرة التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء ل 6 نونبر 2008 بقوله"...لذلك قررنا بعون الله،فتح صفحة جديدة في نهج الإصلاحات المتواصلة الشاملة التي نقودها، بإطلاق مسار جهوية متقدمة ومتدرجة، تشمل كل مناطق المملكة، وفي مقدمتها جهة الصحراء المغربية، مؤكدين عزمنا الراسخ على تمكين كافة ساكنتها وأبنائها من التدبير الديمقراطي لشؤونهم المحلية ضمن مغرب موحد، سواء بإقامة جهوية واسعة وملائمة، وذلك طبقا لإرادتنا الوطنية، أو من خلال الحكم الذاتي المقترح متى تم التوافق السياسي بشأنه، واعتماده كحل نهائي، من طرف المنتظم الأممي".
لقد أكدت الخطابات الملكية الموالية، هذا الاختيار ورسمت محددات الجهوية المنشودة باعتبارها ليست إسقاطا أو استنساخا لتجارب أجنبية أو مجرد إجراء تقني أو إداري، بل مدخلا لجيل جديد من الإصلاحات المؤسساتية نابع من مقاربة تشاركية منفتحة على مختلف الفاعلين، وتستجيب للمقومات الحضارية للدولة المغربية الضاربة في أعماق التاريخ، وهذا ما شدد عليه الخطاب الملكي ل 3 يناير 2010 أثناء تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية، وتتمثل مبادئها الأساسية في التشبث بمقدسات الأمة وثوابتها، وفي وحدة الدولة والوطن والتراب، في إطار من التوازن والتضامن.
إن اختيار محور الجهوية والحكم الذاتي : نماذج مقارنة، كموضوع للدراسة لجهة الصحراء، ينبع من كون قاعدة الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي مكنت في العديد من التجارب الدستورية، خصوصا المرتبطة بمسلسلات الانتقال الديمقراطي من تشكيل حدود وطنية متوافق عليها، وأمة قائمة على أساس احترام معطى التعدد، وتجسيد فكرة الحل الوسط بين مطالب المركز والنزعات الاستقلالية للجماعات الترابية.
إن هذه الخصائص والغايات المرتبطة بهذه القاعدة سيتم استحضارها، من اجل إعادة النظر في المجال الترابي للدولة وتغيير أنماط التدبير الإداري والسياسي للملي، وكتتويج لانفتاح النسق السياسي المغربي.
لكل ذلك، قارب اليوم الدراسي هذا الموضوع انطلاقا من محورين كبيرين:
• الأول : الجهوية في السياق المغربي والتجارب المقارنة.
• الثاني : الحكم الذاتي : النخب والمجال.
وقد وضع برنامج اليوم الدراسي حول : " الجهوية والحكم الذاتي: نماذج مقارنة "
وفق التالي :
- الاثنين 15 فبراير 2010
09.00 : استقبال المشاركين
09.30 : كلمة الافتتاح للسيد الأمين العام للحزب.
09.45: تلاوة الورقة التقديمية
المحور الأول : الجهوية في السياق المغربي والتجارب المقارنة.
المسير : الدكتور حميد نرجس
• المداخلة الأولى : " الجهوية من وجهة نظر مؤسساتية : محاولة في التأصيل "
/ ذ . بن بابا محمد سعيد
• المداخلة الثانية : " التنظيم الجهوي بالمغرب: من الإطار الاقتصادي إلى المدلول الإداري والسياسي : دراسة مقارنة " / د عالي أمجد
• المداخلة الثالثة : " الجهوية الموسعة بين الخصوصيات المحلية والتجارب الدولية المقارنة "/ ذ حبيب الله احمادي
• المداخلة الرابعة : " البعد السوسيوثقافي للجهوية "/ د محمد دحمان
11.30 : استراحة
12.00 : مناقشة
13.30 : غذاء
المحور الثاني : الحكم الذاتي : النخب والمجال
المسير : الدكتور محمد أتركين
• المداخلة الأولى : " رهانات الحكم الذاتي : قراءة استشرافية على ضوء التجارب المقارنة " / د. ابراهيم ابريه
• المداخلة الثانية : " الحكم الذاتي من خلال المبادرة المغربية : رؤية جديدة للمجال ولدور النخب المحلية "/ د سيد أحمد الشرادي
• المداخلة الثالثة : " مقترح الحكم الذاتي قراءة في السياق والمضمون "/ د. رياض فخري
• المداخلة الرابعة : " الجهوية والجهوية الموسعة : أية نخبة ؟ "/ ذ. توفيق البرديجي
17.30 : استراحة
18.00 : مناقشة
وفي مداخلته المدرجة ضمن المحور الأول بخصوص الجهوية في السياق المغربي والتجارب المقارنة،تطرق د.عالي أمجد الحاصل على شهادة الدكتوراه في الحقوق بأطروحة : " الجهة والممارسة الجهوية بالمغرب جهة كلميم السمارة نموذجا" عن السنة الجامعية 2004-2005 ، إلى أن ظهور اللامركزية ارتبط بمجموع دول العالم، بتطوير مفهوم الحريات العامة، وإقرار الحقوق السياسية الأساسية المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان.مما سمح بإعادة ترتيب علاقات الدول بشعوبها عبر مواثيق قوامها الديمقراطية واللامركزية، لتدبير التعددية والاختلاف والقضايا المتعلقة بالتنمية.
وتمثل الجهوية إحدى مظاهر تبلور اللامركزية، خصوصا في ظل عجز الدول عن إدارة قضاياها الاستراتيجية المرتبطة بالنماء الاقتصادي وتأهيل المجال عبر الصيغة المركزية، بحيث تبدو الجهة الإطار الملائم لترجمة الاختيارات السياسية والاقتصادية والمجتمعية الكبرى لتلك الدول، والتي يميز في إطارها بين الدول الموحدة التي أخذت بجهوية إدارية كفرنسا، والدول التي سارت في اتجاه الجهوية السياسية كألمانيا وبلجيكا، وأخرى عمدت الى المزج بين النظامين كما هو الحال بالنسبة لإسبانيا ونظام المجموعات المستقلة.
والمغرب لم يبق بمنأى عن التطورات التي عايشتها اللامركزية وعرفتها الجهوية كآلية تدبيرية، بحيث لم يشكل الاستثناء ولم يخرج عن القاعدة العامة من كون اللامركزية وسيلة ناجعة لإدارة الشأن العام.
فرغم المركزية المستمدة من طبيعة النظام السياسي، فقد شكلت اللامركزية بالمغرب إحدى متطلبات التحديث الإداري ومستلزمات تدبير السياسات العمومية وتحقيق النماء الاقتصادي، وهذا ما جعل المشرع الدستوري يولي اهتماما مبكرا بالجماعات اللامركزية من خلال المقتضيات الواردة في مضامين النصوص الدستورية التي عرفها المغرب منذ استقلاله، والتي تم تكريسها عبر النظام القانوني للامركزية.
وفي مرحلة لاحقة تم تطوير دسترة اللامركزية بالمغرب بإعلان الجهة كجماعة محلية ( التعديلات الدستورية 1992-1996) ، مما عزز البناء المؤسساتي للديمقراطية المحلية، وساهم في بلورة النظام الجهوي المغربي بانبثاق القانون 96-47 المنظم للجهة، وظهور تقسيم جهوي جديد ( 1997) غير من ملامح الخريطة الإدارية والسياسية للمغرب، يجعل الجهة الإطار المناسب لتوسيع المشاركة السياسية ( الفصل 38 من الدستور)، ودمقرطة الحياة السياسية، كما تمت المراهنة على الجهة كآلية لبلورة سياسة إعداد تراب وطني، وتحقيق تهيئة مجالية كفيلة بالحد من الاختلالات الجهوية، وضمن التوازن والنمو الجهوي.
وبإعلان الجهة كجماعة محلية إلى جانب مختلف الوحدات اللامركزية، تكون الممارسة الجهوية بالمغرب قد انتقلت من إطار مركزي لم يعد يوائم توجهات المغرب الاستراتيجية، إلى إطار لا مركزي يتيح له النظام القانوني المؤطر للجهوية بموجبه مجموعة من الآليات هي بمثابة دعامات للممارسة الجهوية، لكن ذلك يتوقف على تصحيح مجموعة من الثغرات التي لازمت اللامركزية ببلادنا وعبرت عنها المناظرات الوطنية للجماعات المحلية من خلال توصياتها، والتي من شأنها استمرارها أن تمثل حدودا
للممارسة الجهوية، في حين أن تجاوزها سيمكن من بلورة السياسة الجهوية، وبالتالي التقريب بين اللامركزية الجهوية في الخطاب السياسي ونظيرتها في الواقع القانوني.