أما الصبر على أقدار الله فهو الوقوف مع البلاء بحسن الأدب، والناس في العافية سواء، فإذا جاءت البلايا استبان الصادق من الكاذب، وهم عن المصائب على أربعة أقسام:
1. التسخط بالقلب كأن تسخط على ربها، أو باللسان كالدعاء بالويل والثبور، أو بالجوارح كلطم الخدود وشق الجيوب. وكل ذلك حرام منافٍ للصبر الواجب.
2. الصبر، فترين أن هذا الشيء ثقيل عليك لكن تتحملينه وأنتِ تكرهين وقوعه ولكن يحميك إيمانك من السخط، فليس وقوعه وعدمه سواء عندك وهذا واجب.
3. الرضا، بأن ترضي بالمصيبة، بحيث يكون وجودها وعدمها سواء وهذه مستحبة وليست بواجبه على القول الراجح.
4.الشكر، وهذه أعلى مراتب الصبر، وذلك بأن تشكري الله على ما أصابك من مصيبة حيث عرفت أن هذه المصيبة سبب لتكفير ذنوبك وربما لزيادة حسناتك.
ثم اعلمي أختي المسلمة أن كل ما أساءك مصيبة، فلما انقطعت نعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه استرجع وقال (كل ما أساءك مصيبة) ، والمؤمنة الموفقة من تتلقى المصيبة بالقبول وتجتهد في كتمانها ما أمكن ، وأما إذا كان الإخبار على سبيل الاستعانة بإرشادها أو معاونتها والتوصل إلى زوال ضرره وليس للشكوى فقط فلا يقدح ذلك في الصبر . ولا بد أن تعلمي أيتها المصابة أن الذي ابتلاك بالمصيبة أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين وأنه سبحانه لم يرسل البلاء ليهلكك ولا ليعذبك وإنما ابتلاك به ليمتحن صبرك وإيمانك ويسمع تضرعك وابتهالك وليراك طريحة على بابه لائذة بجنابه مكسورة القلب بين يديه رافعة قصص الشكوى إليه، فإن كنتِ غافلة فحريٌّ بكِ أن ترجعي إلى الحق، وإن كنت تقية كان ذلك سبباً لرفع درجاتك..
ثم لابد أن تستشعري أن من قدّر وقوع تلك المصيبة هو العليم الحكيم وأن قولك (إنا لله وإنا إليه راجعون) إقرار بأن الله يهلكنا ثم يبعثنا فله الحكم في الأولى وله المرجع في الأخرى، وفيه كذلك طلب ورجاء ما عند الله من الثواب.
وأما ما تقوم به بعض النساء من ترك الزينة والطيب ربما أياماً طويلة أو شهوراً حزناً على وفاة أخ أو أب أو غير ذلك، أو التغيب عن الوظيفة، أو ترك حضور الولائم مدة طويلة .. كل ذلك لا يجوز أكثر من ثلاث ليالٍ لما في ذلك من التسخط على المصيبة .
نسأل الله سبحانه أن نكون من الصابرات الشاكرات العابدات..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد....