المجاهد الأكبر-ه والعمل على ضمان طمأنينة إيلاته" (الفصل الثالث من المعاهدة). لقد قرر الجنرال كيوم تنحية سلطان المغرب. وباتفاق مع الحكومة الفرنسية، أبعد محمد بن يوسف عن المغرب يوم 20 غشت 1953 على الساعة الثالثة بعد الزوال، حيث أقل هو وعائلته في طائرة عسكرية باتجاه كورسيكا قبل أن ينقل من جديد، يوم 2 يناير 1954 إلى مدغشقر. غير أن الحكومة الفرنسية انتقدت بشدة هذا الإجراء الذي اتخذه كيوم مما كلفه الإقالة وتعيين فرانسيس لاكوست مكانه سنة 1954. أثناء فترة المنفى التي دامت من 20 غشت 1953 إلى 16 نونبر 1955، كان ولي العهد مولاي الحسن مرافقا لمحمد بن يوسف في كل اللقاءات التي كان يجريها، إذ قام فيها بدور المستشار. كما شارك في كل المفاوضات التي تمت بكورسيكا ومدغشقر وأيضا في النقاشات الرسمية وغير الرسمية
التوابع السياسية لنفي محمد الخامس
اعتبرت عملية تنحية السلطان عن العرش من الناحية السياسية خطأ استراتيجيا. فرغم أن الإقامة العامة قد أضفت على الإجراء طابعا شرعيا بدفع بعض العملاء وبعض العلماء الاعيان إلى مساندة موقفها، فإن المغاربة لم يعترفوا بتولية ابن عرفة سلطانا. من الناحية السياسية الدولية، بدأت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا في التخلي عن سياستها المتحفظة تجاه ما كان يجري في المغرب. إذ بدأت الدولتان بإعلان معارضتهما للقرارات التي كان يتخذها المقيم العام جوان منذ بداية سنة 1951. ولم يعترف دبلوماسيو هاتين الدولتين بالعريضة التي وقعها الأعيان، إذ اعتبروها محاولة فقط من سلطات الحماية لإجبار السلطان على قبول مخططاتها وذلك بالتوقيع على الظهائر. أما معارضة الدول العربية و الآسيوية، فإنها تمثلت في شنها لحملة شرسة عبر الصحافة والإذاعة ضد الإجراء الفرنسي. فما إن أعلن عن نبأ تنحية السلطان حتى أدان زعيم الحركة الوطنية علال الفاسي عبر إذاعة القاهرة في برنامج صوت العرب إبعاد السلطان هو وعائلته عن الوطن. وأما جامعة الدول العربية، فقد عبرت عن تخوفاتها إزاء تطورات القضية المغربية وبدأت في الإلحاح على ضرورة استقلال المغرب. ومنذ 21 أغسطس 1953، أظهرت 15 دولة عربية آسيوية عضو في هيئة الأمم المتحدة انشغالها بمستقبل الاستقرار السياسي بشمال إفريقيا بعد عملية نفي محمد بن يوسف. وعلى مستوى العلاقات السياسية بين فرنسا وإسبانيا، حدث الأمر نفسه. فحسب الوفق الذي أبرم بين البلدين يوم 27 نوفمبر 1912، فقد حدد أنه يتعهد البلدان بالتزام " الاحترام إزاء الإمبراطورية الشريفة"، في المنطقتين، الخليفية التابعة للحماية الإسبانية، و الجنوبية، الخاضعة للحماية الفرنسية. وقد استقبلت عملية تنصيب سلطان جديد على المغرب بإسبانيا بنوع من الاستياء، إذ اعتبرته سلطات مدريد إعلانا لنوع من العداء ضدها. مما دفعها إلى تنظيم عملية توقيع عريضة مشابهة لتلك التي تمت بمراكش في المنطقة التي تخضع لسيطرتها. وتمكنت من جمع 430 توقيعا من باشوات وأعيان المنطقة الخليفية ركزت فيها على تثبيت فكرة " تنحية السلطان الشرعي محمد بن يوسف، نتيجة للدسائس التي حاكتها الإقامة العامة "