وقد احتوى طابعه الشريف على ما يأتي
بوسطه (محمد بن يوسف بن الحسن الله وليه) وبأركان خاتمه (محمد أبو بكر عمر عثمان علي) وبزوايا هذه الأركان (وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب) وبالدائرة المحيطة بالجميع (من يعتصم بك يا خير الورى).
ونصه بعد الخطاب:
وفقكم الله وسلام عليكم ورحمة الله. وبعد غير خفي أن كل موجود يعتريه الفوت، وكل نفس ذائقة الموت. وان الله تعالى لم يجعل الدنيا دار بقاء لأوليائه، ولا مقر جزاء لأصفيائه، ومن أجل ذلك استأثر سبحانه بروح سيدنا الوالد المعظم، أمير المومنين الموفق الافخم، وناداه منادي الكرامة، إلى دار السلامة، فلب الداعي، وانتقل إلى رحمته محمود المساعي، مأسوفا عليه من كل الناس، على اختلاف الطبقات والأجناس، وذلك عقب مرضه الذي لازمه زمنا طويلا، وحل بساحته الطاهرة ضيفا ثقيلا، وكان معه مستسلما صابرا إلى أن وافاه الأجل المحتوم محتسبا شاكرا، وقد شيعت جنازته المباركة في محفل رهيب، وموكب مهيب، شارك فيه بغاية الأسف جناب ممثل الدولة الجمهورية الفخيمة المقيم العام، ومن معه من الجنرالات وكبار الموظفين والحكام، وسائر عساكر الحامية الفاسية، بصفة استعراض عليه مراسم التأثر بادية واقبر رحمه الله بروضة أسلافنا المقدسين، في جوار جدنا الأكبر مولانا عبد الله قدوة الملوك المهتدين، صبيحة يوم الجمعة الواحد والعشرين من جمادى الأولى عامه أسكنه الله فسيح الجنان، وعامله بالرضى والرضوان، ثم بعد صلاة الجمعة من اليوم المذكور اجتمع أهل الحل والعقد من الوزراء والشرفاء والأعيان والعلماء من أهل فاس وأحوازها ومن انضم إليهم من وفود المدن والثغور بقصد النظر في مبايعة من يقوم بأعباء الخلافة الإسلامية، ويلحظ بعين المصلحة شؤون الأمة المغربية، فانعقد الإجماع على مبايعة جنابنا الشريف، وتم الأمر بكتب البيعة السعيدة وامضائها عن طوع لا انتقاد معه ولا تكليف، فأصبحنا بمنة الله مطوقين بحبل أعباء السلطنة السنية، عازمين على اتباع سنن سلفنا الصالح بإخلاص وصدق ونية مستمدين من الله الإعانة والتأييد، والتوفيق والتسديد، والله يوتي ملكه من يشاء من عباده ويتولى بفضله أمور من اعتمد عليه وفق مراده هذا وقد انتقلنا صبيحة يوم الاثنين الرابع والعشرين من الشهر المذكور إلى عاصمتنا الرباطية، في موكب ملوكي تتقدمه السعادة وتحيط به الألطاف الخفية، فحللنا به حلول يمن وأمان، وعز مكين ثابت الأركان، في مظاهرات أفراح بهية، ومواسم احتفالات باهرة علية، وأعلمناكم لتشاطروا الأمة الإسلامية في مصابها الأليم، وتشاركوها كذلك من أجل ولايتنا الشرعية في فرحها العظيم، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، والسلام
و حرر بعاصمة الرباط
1927 ديسمبر 17 موافق 1346 جمادى الثانية عام27