الرضيــــع المبــــارك
نشأ الصبي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يتيم الأب ، في رعاية أمه وكفالة جده بمكة .
في الأسابيع الأولى من ولادته أرضعته أمه كما أرضعته نسوة من أهله .
ومن عادات أهل مكة إرسال الأطفال الرضع إلى البوادي المجاورة
ليرتشفوا من رحيق تقاليدها وعاداتها ،
ويستنشقوا عليل نسيمها وهوائها ،
ويعبوا من أصول الشهامة والرجولة ،
ويتعودوا - بعد أن يقوى جسدهم – على وسائل الكد والكدح لكسب القوت والعيش ،
ويتلقوا أساليب التخاطب العربي الفصيح .
توافدت المرضعات على بطاح مكة ، كعادتهن ، ترغمهن قلة ذات اليد على تفضيل الصبية أبناء الأثرياء .
أعرض العديد منهن عن الطفل اليتيم ،
إلى أن كان من نصيب مرضعة فاضلة قنوعة من بني سعد . تدعى حليمة السعدية .
أرسلت الأم معها - على مضض – وحيدها ، لينشأ هناك على
الصدق في القول والمعاملة ،
والقناعة والاكتفاء بالقليل المتوفر ،
والكد وبذل الكثير من الجهد بمرافقة أهله من الرضاعة إلى الحقول والمراعي .
وقد استرعى انتباه الأم المرضعة وأثار إعجابها ما أصبحت تنعم به أسرتها ، منذ وصول الصبي الرضيع ، من بحبوحة عيش ، ووفرة رزق وكثرة مال .
وبعد أن اشتد عوده تعرض لأحداث غريبة غير مألوفة عندهم ، وخاصة حين استنفرهم - ذات يوم - أخوه الأكبر من الرضاع قائلا : ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه ،
ولما فزعا إليه وتأكدا مما حدث ، خشي أبوه من الرضاع أن يكون قد اصيب ، فقررإعادته لأمه بمكة قبل أن يظهر ذلك به ، فرحلوا به إلى أمه قبل حلول موعد الرجوع .
ابتسمت السيدة آمنة بعد علمها بما حدث ، وقالت : أفتخوفتم عليه الشيطان ؟
قالوا نعم
قالت : كلا ، والله ما للشيطان عليه من سبيل . إن لبني لشأنا .
رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور أضاء لي قصور بصرى من أرض الشام . .. ووقع حين ولدته ، وإنه لواضع يديه بالأرض ، رافع رأسه إلى السماء .
دعيه عنك ياحليمة ، وانطلقي راشدة .
محمد الطيب
aminwalid