دعوة الى حل الجامعة العربية وتأسيس الجامعة الاسلامية
المرحلة التاريخية الصعبة الحالية بصفة عامة و الهجمات الصهيونية على قطاع غزة بصفة خاصة ،كشفت بجلاء ليس فقط عن ضعف وهوان جامعة الدول العربية بل بينت أكثر من ذلك عن تواطؤ قيادة ادارة هذه الجامعة العربية مع المحتل الاسرائيلي البليد.
ولن أشرح أو أفسر الانزلاقات السياسية التي تتخبط فيها الجامعة العربية والمبنية اساسا على القيادة الشخصانية والمصلحة الذاتية والذنيئة،لكون هذا ،اصبح معروفا ليس فقط لدى الشعب العربي ، بل لدى كل شعوب دول العالم ،والحمد لله .
فالجدير بالذكر أن مصدر فكرة تأسيس الجامعة العربية هو وزير خارجية بريطانيا (( أنتوني ايدن )) ،منذ سنة 1941 الى سنة 1944 وهو يتواصل مع مصر عن طريق وزير خارجيتها مصطفى النحاس للاسراع الى تأسيس وحدة الدول العربية المستقلة خوفا من اتساع المؤيدين لتاسيس الوحدة الاسلامية التي كان يدعو الى اقامتها بعض المفكرين العرب والاسلاميين.
وحتى اقتراحات الدول المؤسسة لتسمية هذه الوحدة وهذا الاتحاد كان ملزم وضع اسم العربية وليس كلمة الاسلام أو الاسلامية ..فمثلا اقترحت سوريا تسمية هذه الوحدة العربية ب "الاتحاد العربي " واقترح العراق تسمية " التحالف العربي" في حين فرضت مصر تسمية " الجامعة العربية" وفرضت اسمها وسيطرتها على هذه الجامعة العربية منذ تأسيسها مع خمس دول وهي : (العراق،الاردن،لبنان،السعودية،سوريا)، والى الان وهي تحكم قبضتها على هذه الجامعة العربية رغم وصول عدد الدول العربية المنضوية تحت لوائها الى 22 دولة عربية ،ويظهر بوضوح سيطرت مصر على هذه الجامعة العربية بظفر مصر بمنصب أمين الجامعة منذ تأسيسها ،حيث توالى على منصب أمين عام جامعة دول العربية خمس أمناء مصريين( من 1945 الى 1979/ومن 1990 الى الان ) مقابل أمين عام تونسي ( 1979 الى 1990).و التي يمكن أن نسميها الجامعة المصرية بامتياز .
ومن بين المبادئ التي نص عليها بروتوكول الاسكندرية المؤسس لجامعة الدول العربية : ((...اعتبار فلسطين ركنّا هامًا من أركان البلاد العربية وحقوق العرب فيها لا يمكن المساس بها من غير إضرار بالسلم والاستقلال في العالم العربي، ويجب على الدول العربية تأييد قضية عرب فلسطين بالعمل على تحقيق أمانيهم المشروعة وصون حقوقهم العادلة.)).
لحد الساعة لم تحقق ولو جزء من هذا الهدف العام المؤسس لوجودها ،فبالاحرى أن نتسائل مادا حققت هذه الجامعة منذ سنة 1945 للشعب الفلسطيني من باب أولى ؟؟.
فتحقيق الاهداف هو مقياس اساسي على بقاء هذه المؤسسة السياسية ومواصلة تجدرها واتساع قاعدتها وفرض قوتها واحترامها الدولي ..الا أن هذا في ضوئها لم يتحقق ولن يتحقق ،و السلام الفلسطيني الذي يمثل جزء من أهدافها لم يحصل ولن يحصل بها.
فالحل الوحيد الان : 1 – لنصرة غزة والارتقاء بالقضية الفلسطينية الى الحل الشامل والنهائي الذي يرضيه كل الشعب الفلسطيني بمختلف أطيافه ومكوناته.
2 –و لارجاع ثقة الشعوب العربية في حكامها التي فقدتها خلال الموقف المعجز لجامعة الدول العربية وكشف تواطؤ بعض الحكام في هذه الحرب والتستر على مواقفهم الرديئة التي تخذل شعبهم قبل شعب غزة والضغط على الفلسطينيين للقبول بالمبادرات الهزيلة التي تلزم القوى الفلسطينية وتكون ضده وليس معه.وهذا كله سيؤدي لا محال ان استمر الوضع على ما هو عليه ،الى الانفلات الامني بهذه الدول العاجزة وتطور الجريمة المنظمة بها وتزايد تفتيتها باعلان عن تأسيس دويلات جديدة بقلبها،وتوالي الانقلابات على أنظمتها وعدم استقرارها داخليا والشد والجدب بين دول المنطقة خارجيا ...
3- لتحقيق السلام والعدل العالمي
والحل الآن ،هو الإسراع إلى حل الجامعة العربية وتأسيس جامعة الوحدة الاسلامية .
فالوحدة الاسلامية لم تأت طبقا لرغبة فرد أو ارادة حزب أو مسعى حكومة وانما الوحدة الاسلامية مقررة من السماء (( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذا كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا.)).
وان الوحدة الاسلامية قرينة التوحيد في العقيدة ،قال تعالى :" ان هذه أمتكم واحدة وأنا ربكم فاعبدوون".
والوحدة الاسلامية هدف من أهداف دعوة محمد عليه الصلاة والسلام ،فالرسول جاء برسالة (( التوحيد )) ليوحد الانيانسة على كلمة سواء.
والوحدة الاسلامية تقوم على أساس الشعور بالوحدة والحاجة اليها ،وهذا الشعور بالوحدة قائم في جنبات الارض الاسلامية كلها..رغم مظاهر الاختلاف التي تبدوا للعيان ،فان الشعور والحاجة الى الوحدة موجودة في صدر كل مسلم على الارض.
فلقد هيأ الاسلام النفوس لهذه الوحدة..فالاسلام يجعل الانسان يعيش بفكره ووجدانه مع أخيه المسلم سواء كان مغربيا أو صوماليا أو أيرانيا أو فلسطينيا أو ماليزيا أو باكستانيا أو تركيا...
بل ان الاسلام لكي يقيم مجتمعا متماسكا فرض على المسلم حقوقا مادية لاخيه : قال الرسول الكريم " ليس منا من بات شبعان وجاره الى جانبه جائع".
وقال الامام ابن حزم انه لو مات واحد من المسلمين جوعا في مدينة ما أعتبر كأن أهل تلك المدينة أو الدولة هي التي قتلته ووجب على أهلها الدية للميت .
-أين نحن من هذا الان ؟؟
فاذا كانت الطبيعة قد وحدت بين مصالح الامة الاسلامية فان الاسلام قد وحدها تاريخيا وفكريا وثقافيا..واذا كان الاسلام قد حقق هذه الوحدة في الماضي فانه قادر على تحقيقها في الحاضر ،وستحقق في المستقبل شئنا أم أبينا .لكون بعد العولمة الامبريالية المتوحشة ستأتي عالمية سلام الاسلام .
والاسلام دين الانتماء ..الانتماء للنفس والاسرة والوطن والامة .والانسانية كلها..ان الوحدة كاالايمان ضرورة نفسية وعقلية وتاريخية .
فهذا أقل شيئ يمكن لأي مفكر وأي باحث وأي كاتب وأي ضمير حر ونزيه أن يخوض فيه في الوقت الراهن ،ليس فقط لنصرة غزة أو الشعب الفلسطيني ولكن لنصرة الامة العربية والاسلامية وتحقيق السلام العالمي .
محفوظ كيطوني
باحث في الإدارة
mahfoud_guil@hotmail.fr
mahfoud.guitouni@gmail.com