يقول خبراء العلاقات. "فالاعتقاد السائد بأن الرجال والنساء لا يمكن أن يصبحوا أصدقاء، يعود إلى الفترة الزمنية التي كانت النساء فيها تلازم المنزل بينما يتوجه الرجال إلى أماكن العمل، وكان السبب الوحيد الذي يلتقيان له هو العلاقة الجنسية"، كما تشرح ليندا سابادين، دكتوراه وعالمة نفسية خاصة من فالي ستريم في ولاية نيويورك. "أما الآن فهم يعملون معاً ولديهم اهتمامات رياضية مشتركة، كما أنهم يشاركون في النشاطات الاجتماعية ". ولذلك فأن هذه النقلة الثقافية تشجع العلماء النفسيين، وعلماء الاجتماع، وخبراء التواصل على وضع رسالة جديدة: فعلى الرغم من صعوبة هذا الأمر، إلا أنه يمكن للرجال والنساء أن ينجحوا في تحقيق صداقات متينة. والجيد في الأمر، أن هناك أسبابا جيدة ليصبحوا كذلك.
لقد قام المجتمع منذ الأزل بتحديد العلاقة الجنسية على أنها المقياس النموذجي لعلاقة الرجل- بالمرأة لأنها تنتج الأطفال، وتبقي عجلة الحياة مستمرة، بينما الصداقة بين الجنسين، كما يشير إليها الخبراء، قد تم تجاهلها أو تهميشها. فهناك قواعد تحكم العلاقات الغرامية (أولها الغزل،ثم المواعدة،ثم الزواج ثم إنجاب الأطفال)، وحتى العلاقات بين الأشخاص من جنس واحد (فالأولاد يتواصلون عن طريق القيام بنشاطات مشتركة، بينما تقوم البنات بالتحدث والمشاركة).
التحدي الأول
تعريف العلاقة: أصدقاء أم أحبة؟
يؤكد أوميارا بأن هناك حب أفلاطوني، كما تؤكد دراسة أجريت على 20 زوجاً من الأصدقاء وتم نشرها في مجلة "سوشل أند بيرسونال ريليشنشيبس". حيث تجزم هايدي رييدر، دكتوراه، مساعدة بروفيسور في جامعة بويز ستايت، بأن "الانجذاب إلى علاقة صداقة" أو علاقة خالية من الانجذاب الجسدي، هي نوع من الرابطة التي يشعر بها الناس. مع ذلك، فأن تصنيف العلاقات على أنها غرامية، أو جنسية، أو صداقة يمكن أن يكون أمراً شديد الصعوبة. ويضيف اوميارا " إن الناس لا تدري أي المشاعر هي الملائمة للجنس الأخر، باستثناء ما تمليه علينا ثقافتنا بأنه مقبول أو ملائم". "فأنت تشعر بأنك تحب شخص ما وتستمتع بوقتك معها كصديقة، ولكن ليس بالقدر الكافي لتطلب منها موعداً أو تتزوجها. فما معنى هذا؟"
التحدي الثاني
التغلب على مشاعر الانجذاب: لنتحدث عن العلاقة الجنسية
إن حقيقة دخول الانجذاب الجنسي في معادلة الصداقة بين الجنسين دون دعوة مسبقة يبقى دائماً في إطار العلاقة. يضيف اوميارا، يمكن لعناق أفلاطوني أن يتحول في ثوان إلى معان غرامية. "بينما أنت تحاول القيام بأمر عادي بين الأصدقاء"، "ولكن الجزء الأنثوي-الذكري يعيقك". وسواء كان مرحباً به أو لا، يبقى تجاهل الانجذاب صعباً. وفي دراسة هامة نشرت عام 1988 في مجلة "سوشل أند بيرسونال ريليشنشيبس" سألت سابادين أكثر من 150 رجل وامرأة مهنيين عن الأشياء التي يحبونها ويكرهونها في علاقات الصداقة بين الجنسين. فتصدر التوتر الجنسي لائحة النساء. ومن ناحية أخرى أشار الرجال إلى أن الانجذاب الجنسي كان من أهم الأسباب التي دفعتهم للبدء في علاقة الصداقة، التي قد تتعمق إلى أكثر من مجرد صداقة. وفي كل الحالتين، فأن 62 % من المجموع أشار إلى وجود التوتر الجنسي في علاقة الصداقة بين الطرفين.
التحدي الثالث
وضع أسس المساواة
يجب أن تكون الصداقة بين الأنداد. ولكن أوميارا يقول "بأنه في ثقافة استحوذ فيها الرجل على قدر اكبر من المساواة، والسطوة الذكرية، فالسلطة والنفوذ قادمة لا مفر مع الرجال والنساء إلى هذه العلاقة". فالنساء في خطر من أن يتخذن دور الخضوع دون أن يدركن ذلك في العلاقة بين الجنسين، ويضيف، على الرغم من أن هذا المفهوم بات يتغير ببطء مع بدأ تعامل المجتمع بمساواة أكثر للجنسين.
التحدي الرابع
نظرة العامة: التعامل مع المشككين
قد لا يكون المجتمع جاهزاً بشكل كاف لمثل هذه الصداقات بين الرجال والنساء والتي لا تنطوي على مضمون جنسي. فالأشخاص الذين لديهم أصدقاء من الجنس الأخر غالباً ما يجابهون باللكز والغمز والشك وعبارات:"هل حقاً أنتما مجرد أصدقاء؟" خصوصاً، كما يقول أوميارا، الأشخاص المتقدمين في السن الذين عاشوا في الفترة الزمنية التي كان فيها الرجال والنساء بعيدين عن بعضهما البعض إلى أن يتزوجوا.
التحدي الخامس
مكان التلاقي: العثور على أصدقاء
مع اتساع أماكن العمل والفسحات الاجتماعية الأخرى للمزيد من النساء، زادت فرص الاختلاط بين الجنسين أكثر. ومع ذلك لا تزال فرص حدوث أية تفاعلات بين النساء والرجال منخفضة. حيث يشرح منصور "بأنه خلال مرحلة الدراسة الابتدائية يقوم الأولاد والبنات في مجموعاته الجنسية المنفصلة بتعلم طرق خاصة للتعامل مع بعضهم البعض، حتى إذا التقوا معاً، وبإلهام من فترة البلوغ، يرون بعضهم كشركاء محتملين للمواعدة فقط لأنهم لم يتعرفوا على بعضهم البعض كأصدقاء." ومن العوامل المذهلة خلف هذه الظاهرة هي اهتمام الأطفال أنفسهم بالأطفال الذين يتصرفون مثلهم أو ما يعرف "بالفصل الجنسي الطوعي"، حيث يستمر هذا التصرف حتى مرحلة النضوج. ويضيف منصور "يمكنك رؤية ذلك إثناء الحفلات الاجتماعية"، "حيث يذهب الرجال إلى أحد الزوايا بينما تجتمع النساء في الزاوية الأخرى".
قد تبدو هذه العقبات متعددة وهائلة، ولكن الصداقة بين النساء والرجال ليست محتملة فقط ولكنها ضرورية أيضا. ويعتقد الباحثون انه إذا أراد الرجال والنساء أن يعملوا، ويلعبوا، ويتعايشوا في المجتمع المتحضر، فيجب على الرجال والنساء أن يتعلموا أن يتواصلوا مع بعضهم البعض. إلى هذا الحد، بدأ علماء الاجتماع أمثال سابادين، ومنصور، واوميارا بالتعرف على كيفية القيام بذلك. ومع أن مجال البحث لا يزال في مهده، إلا أنهم بدؤوا الآن بإدراك الحقائق الأساسية حول العلاقة بين الرجل والمرأة.
--------------------------------------------------------------------------------