منتديات المغرب الملكي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات المغرب الملكي

موقع و منتديات كل الملكيين و الملكيات بالمغرب الملكي
 
دخولالبوابةأحدث الصورالتسجيلالرئيسية

 

 حوار صحفي مع عبد الهادي بوطالب

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
الحسين النوحي
عضو جديد
عضو جديد
الحسين النوحي


عدد الرسائل : 32
العمر : 42
النقاط المكتسبة من طرف العضو : 6501
خاصية الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 27/01/2007

حوار صحفي مع عبد الهادي بوطالب Empty
مُساهمةموضوع: حوار صحفي مع عبد الهادي بوطالب   حوار صحفي مع عبد الهادي بوطالب I_icon_minitimeالسبت 03 فبراير 2007, 15:31

مقتطف من حوار صحفي أجرته صحيفة الشرق الأوسط مع الدكتور السيد عبد الهادي بوطالب

* بعد ذلك، أين مضت بك الأيام؟

ـ بعد تخرجي من القرويين، بدأت أعطي دروسا طوعية في جامعة القرويين. وهي دروس كانت مفتوحة في وجه العموم في إطار ما كان يسمى آنذاك بنظام «الحلقات» يحضرها مآت من سكان مدينة فاس من مختلف المستويات حيث توجد جامعة القرويين، يجيؤون إليها ويَتداعَوْن للحضور إليها ليستمعوا إلى أصغر أستاذ جامعي عرفته الجامعة. وكانوا منبهرين أن يكون في سني المبكرة. وكانت العادة أنه لا يقتعد كراسي العلم في القرويين إلا الكهول أو الشيوخ. وكنت أدرِّس كتاب «نور اليقين» للخضري في مادة السيرة النبوية.كنت أركِّز في درسي على ملاحم الإسلام الكبرى، وعلى غزوات الرسول الكريم وسيرته الطاهرة، وأُجلّي صور الصحابة الكبار كنماذج يُقتدَى بها. كما كنت أركِّز على استعداد المؤمنين في العهود الأولى للجهاد والفداء لنصرة المثل الإسلامية. واعتبرها الفرنسيون تعبئة للشعب للقيام بثورة ضدهم، فطلبوا مني أن أتوقف عن إلقاء تلك الدروس لكنني رفضت. وقال لي المراقب العسكري الفرنسي في فاس (الكومندان كوجيي) الذي استدعاني لمكتبه (وكان مساعدا للجنرال الحاكم الفرنسي العسكري الأعلى) مهدِّدا: «إذا لم توقف هذه الدروس فسيكون مصيرك مثل مصير علال الفاسي الذي كان يُلقي نفس الدروس في نفس المكان التي تدرِّس فيه، ويُدرِّس نفس الكتاب الذي تُدرِّس. وأنت تعرف أين يوجد الآن». وكان علال الفاسي رحمه الله آنذاك منفيا في الغابون منذ سنة .1937 فكان جوابي «لا شَبَه بيني وبين السيد علال الفاسي. فهو زعيم حزب سياسي وأنا عالم مرشد أقوم بشرح الدين الإسلامي وتاريخ الإسلام للمغاربة وأبث فيهم مبادئ التعلق بدينهم وتاريخهم ليس إلا».

* ماذا كان مصير هذه الدروس؟

ـ بعد أيام من توقيفي هذه الدروس بسبب عطلة عيد الفطر في أوائل يناير (كانون الثاني) 1943 بعث إليَّ السلطان محمد بن يوسف رسولا هو السيد محمد الغزاوي الذي كان يشرف على تصريف شؤون القصر الملكي بمدينة فاس وأخبرني أنني مدعو إلى القصر الملكي بالرباط ليستقبلني السلطان لأمر خاص. ورافقت الغزاوي إلى الرباط على متن سيارته التي كان يقودها وقال لي ونحن نقطع المسافة إنه لا يعلم أي شيء عن سبب دعوة السلطان لي. وعند وصولنا للقصر الملكي قال: «إن عليَّ أن أتوقف بمكتب وزير المعارف الحاج أحمد بركاش (وكان مكتبه بين «بنائق» الوزراء بمدخل القصر الملكي) فهو الذي سيرافقني إلى لقاء السلطان». وفعلا أخذني الوزير إلى قاعة العرش، حيث خلعنا في مدخلها الحذاء كما تقضي بذلك المراسم. ووجدت السلطان جالسا على عرشه وسُبْحته بين يديه وقد استقبلنا إثر صلاة المغرب. وعندما كنا نتخطى مدخل القاعة قال لي الوزير: «لاحظ كيف سأنحني أمام السلطان وكيف سأقبل يده لتفعل مثلما أفعل». وكان الأمر كذلك. فأشار إلينا السلطان بالجلوس على (السجاد) الزربية المبسوطة. ولم يكن آنذاك مسموحا بالجلوس أمام السلطان على الكراسي. وتلطف بي السلطان سائلا عن صحتي وأسرتي وكأنما لاحظ علي الدهشة فلكل داخلٍ دهشةٌ كما يقول المثل أو الحكمة. ودهشة الداخل لأول مرة للقصر السلطاني ومثوله بين يدي السلطان تفوق كل دهشة.

وفتح السلطان الحديث فقال لي: أريدك أن تنضم إلى أساتذة ولدي (سْمِيَّتْ سيدي) أي اسم سيدي. وهكذا كان القصر يتحدث عن ولي العهد مولاي الحسن لأنه يحمل اسم جده الحسن الأول (وسيدي تفيد معنى جدي في اللهجة المغربية). كما كان يُتحدَّث عن الملك محمد السادس عندما كان وليا للعهد بنفس الاسم، لأنه يحمل اسم الجد (محمد الخامس). وزاد يقول: «إنه ما زال يتذكر الدرس الذي ألقيته بين يديه يوم تخرجي من الجامعة، وأن ذلك هو ما جعله يقرر تسميتي أستاذا بالمعهد الملكي». وتمنى لي النجاح في مهمتي. وكانت هذه الالتفاتة الكريمة من لدن جلالته مفاجأة لي. لكن كان من شأنها أن تُحوِّل مجرى حياتي وتقلب ميزان حساباتي، حيث كنت قد بَرْمَجْتُ الالتحاق بالخارج للانتماء إلى إحدى الجامعات الفرنسية للتخصص. فغالبت نفسي وتجرأت على الاعتذار لجلالته عن قبول هذا المنصب مخبرا جلالته بالسبب لكنه ألح علي. وأضاف: «إن في المعهد الملكي أساتذة متخصصين في شتى شُعَب المعرفة يمكنك أن تستفيد منهم. وستقيم بداخلية المعهد بجانب ولدي، وسيكون لك الوقت لمتابعة دراستك العليا بالرباط من المعهد». وعندما لاحظ وزير المعارف ترددي وبدا عليَّ أني مشفق على نفسي من هذا التكليف الكبير صرخ الوزير في وجهي: «سيدنا نصره الله يكلفك وأنت تتردد. قُمْ (هكذا بصيغة الأمر) فلا يقبل الكرامةَ إلا الكريم». ووجدتُني أذعن لهذا القرار وأغادر صحبة وزير المعارف القصر لأتعرف لأول مرة على الأمير ولي العهد مولاي الحسن في المعهد المولوي. هكذا كان اسمه. فالمولى كان لقب السلطان بينما كان يطلق على نظام السلطان بالفرنسية اسم الأمبريالي أي الأمبراطوري وهو النعت الذي أُطلِق على المعهد بالفرنسية. وكان يقال عن أمبراطورية المغرب إنها الإيالة الشريفة. كنت شاهدت بعض صور ولي العهد قبل أن ألقاه، وتمَّ لقائي به في المعهد بعد صلاة المغرب في مسجد المعهد في ليلة 4 أكتوبر 1943 عندما قدمني إليه الوزير بركاش وجها لوجه. وقد أُعِدَّت لي غرفة بجوار الأمير أقمت فيها ما يزيد على سنتين. وكنت ألتقي معه على الغداء والعشاء وأرافقه ومعه أخوه الأمير عبد الله في رحلاته، ويأخذني رفقته في السيارة الملكية لصلاة الجمعة في موكب والده الرسمي. وأراجع معه دروسه العربية التي كان يلقيها أساتذة آخرون بالإضافة إلى التي كنت ألقنها إياه في قواعد اللغة العربية وتفسير القرآن ومادة تاريخ الإسلام وأحيانا تاريخ المغرب. آنذاك تخيلت أن السلطان محمدا بن يوسف بقي مُعجَبا بشكل الأداء الذي قدمت به أمامه وأمام لجنة العلماء درس التخرج من الجامعة. وهو الدرس الذي كان مصدر توقيعه بنفسه على شهادة تخرجي، وأنه بسبب ذلك نادى عليَّ للتدريس في المعهد المولوي. وبقيت أعتقد ذلك حتى وفاتِه رحمه الله. فهو لم يحدثني أبدا بالسر الذي كان وراء مناداته علي. وعلمت فيما بعد من جليسه وصهره الأمير مولاي الحسن بن إدريس السبب الحقيقي حينما سألني هذا الأمير ذات مرة: «هل تعرف لماذا التحقتَ بالمعهد المولوي آخرَ سنة 1943؟» فقلت «لا». فقال الأمير: «لقد جاء المستشار المخزني الفرنسي عند السلطان وأخبره أن سلطة الحماية قررت اعتقالك لأنك رفضت التوقف عن إلقاء الدروس الثورية في جامعة القرويين، وأنهم يخشون أن تثير هذه الدروس فتنة في مدينة فاس. فسألهم السلطان: «من هذا الذي تتحدثون عنه؟» فقالوا: «اسمه عبد الهادي بوطالب» فتذكرني وقال لهم: «لا تقبضوا عليه. سأكفيكم إياه وسآخذه إلى جانبي ولن يُشوِّش عليكم منذ الآن». هذه إذن بداية العلاقة بيني وبين القصر الملكي من خلال الحادثة التي حدثتك عنها ولم تكن لي يد فيها، ولكن الأقدار هي التي صنعتها.

* هل لكم أن تتحدثوا لنا عن المعهد الملكي ببعض التفاصيل؟

ـ كنت أحد أساتذة المعهد المولوي ولم أكن الأستاذ الوحيد فيه. فقد سبقني إليه أساتذة آخرون، منهم الحاج محمد باحنيني الذي أصبح بعد الاستقلال وزيرا للعدل وأمينا عاما للحكومة، والفقيه خليل الورزازي الذي كان يدرّس الفقه، ومحمد الفاسي، (أول وزير للتربية الوطنية في عهد الاستقلال) وكان آنذاك مديرا لجامعة القرويين وكان يدرِّس تاريخ المغرب، وعبد الرزاق البرنوسي الذي كان أستاذا للنحو والصرف، هذا إلى أساتذة التعليم الثانوي من الفرنسيين.

كان المعهد المولوي جزءا من القصر، وتابعا إداريا وماليا لإدارة المعارف أو إدارة التعليم العمومي التي كان يشرف عليها مدير عام فرنسي. والمعهد عبارة عن مدرسة فيها قسم ابتدائي كان يدرس فيه الأمير مولاي عبد الله الابن الأصغر للسلطان، وقسم ثانوي يدرس فيه الأمير ولي العهد مولاي الحسن. وكانا يقيمان في المعهد ويخضعان لنظام داخلي، رفقة 20 تلميذا مُنْتَقَيْن من مدارس المغرب من بين أكثر التلاميذ نجابة وأقواهم دراية وكفاءة، وينتمون إلى عامة الشعب، وفيهم من كان آباؤهم يتبوأون مناصب عليا في مدينة من المدن.

كان عدد التلاميذ 20 تلميذا بالإضافة إلى الأميرين: عشرة بكل قسم، يشرف عليهم ما يناهز 20 أستاذا. وانضممت إلى أساتذة القسم الثانوي لأساهم بتلقين المواد الدراسية التي أشرت إليها للأمير ولي العهد مولاي الحسن. ومنذ الوهلة الأولى كان الأمير بشوشا معي. ولاحظت أنه كان مرتاحا إلى أن أكون من بين أساتذته. وفعلا كان يعاملني كما لو كنت صديقا له أو مرشحا لأصبح صديقا له، بحكم أن فارق السن بيننا لم يكن كبيرا بينما كان الأساتذة الآخرون إما في آخر طور الشباب أو في الكهولة أو الشيخوخة.

وفي أول اتصال لي مع مدير المعهد الفرنسي السيد ديفال (أستاذ الفلسفة لكن لم يكن يعطي أي درس بالمعهد) وحضره الحاج أحمد بركاش رحمه الله عند وصولنا معا إلى المعهد إثر لقاء السلطان أخبرني المدير أن عليَّ أن ألقن قسم مولاي الحسن بعض المواد باللغة العربية، وأنني سأخضع بدوري لنظام داخلي مثل التلاميذ لأشرف على سير الحياة الخاصة للأميرين مولاي الحسن ومولاي عبد الله، وهو ما يسمى باللغة الفرنسية Percepteur وعلى واجبات ولي العهد ومراقبته عند القيام بواجباته الدراسية وهو ما يطلق عليه اسم المعيد repititeur أما المواد التي عُهد بها إليَّ فسألقيها برتبة أستاذ Professeur وعندما كان السلطان يخرج كل أسبوع لصلاة الجمعة في المسجد المجاور للقصر بحي تواركة كنت أرافق الأميرين على متن السيارة الملكية التي كانت تتبع مباشرة العربة الملكية. لقد شَغلت بالمعهد المولوي إذن عدة وظائف كنت فيها أقرب الأساتذة إلى ولي العهد وأخيه: وظيفة الأستاذ، ووظيفة المربي الملازم، ووظيفة المساعد الساهر على قيام ولي العهد بواجباته المدرسية. وبلغ مجموع الدروس التي كنت ألقيها 11 ساعة في الأسبوع، وشملت مواد تفسير القرآن وتاريخ الإسلام والنصوص العربية. وهي نصوص كنت أعالج فيها مع التلاميذ قواعد اللغة العربية من نحو وصرف وتركيب وإنشاء. وكنت أتناول الطعام غالب الأوقات مع التلميذ مولاي الحسن. واستمر الأمر كذلك أزيد من سنتين. من حسن حظي آنذاك أن السلطان كان يحضر بعض دروسي في تمام الثامنة صباحا. وكان يخرج راجلا من قصره الذي لا يبعد عن المعهد المولوي إلا حوالي 200 متر، يرافقه بعض أعوانه الخاصين. وعندما يدق الجرس الساعة الثامنة يكون حاضرا معنا في قاعة الدرس حيث يخصص له مقعد عادي ويتقدم الصفَّ الأول أمام التلاميذ.

وكان السلطان محمد بن يوسف قد هيأته الأقدار لتولي مقاليد العرش في سن مبكرة جدا. فعندما بويع كانت سنه 17 أو 18 سنة. وتلقى دروسه الأولية في القصر السلطاني. وهي دروس عربية دينية كانت تتخللها دروس مبادئ اللغة الفرنسية. وكان الفقيه المعمري هو الذي يلقنها له، وهو من أصل جزائري، وكان يشرف في عهد السلطان محمد بن يوسف على القصور السلطانية كما كان يتولى الترجمة عن السلطان وإليه أثناء الاستقبالات الرسمية التي كان السلطان يخص بها المقيمين العامين أو المستشار المخزني الفرنسي أو حينما يستقبل الزوار الأجانب. والمعمري كان وفيا للسلطان وأسرته. وظل السلطان متعلقا بالدراسة وحب المعرفة وفي شوق إلى تعميق الدراسة التي كان بدأها ولم يمهله تربع العرش مبكرا لمتابعتها.

إن عدم تمكنه من إتمام دراسته كان أحد الأسباب التي جعلته ينشئ لابنيه معهدا خاصا بقسميه الابتدائي (وكان يغشاه الأمير مولاي عبد الله) والثانوي (وكان يدرس فيه الأمير ولي العهد مولاي الحسن). وأظن أنه كان يرغب في أن يوفر ما افتقده لأبنائه، إذ كان يريد أن يكون ابناه الأميران مكتملي الدراسة بالغَيْن أعلى مستويات تحصيل المعرفة.

* كيف كنت تعامل الأمير ولي العهد مولاي الحسن؟ وهل كنت تتصرف معه كتلميذ عادي أم كأمير؟

ـ عندما التحقت بالمعهد المولوي في سني المبكرة كنت أحمل أفكارا حداثية وحتى ثورية. فقررت أن أعامل ولي العهد نفس معاملتي لبقية التلاميذ. وكانت العادة أنه إذا دخل ولي العهد إلى القسم يقف التلاميذ ويقف الأستاذ احتراما فقطعت هذه العادة فيما يخصني، وأمرت التلاميذ أن لا يقفوا له عند دخوله فهو في القسم تلميذ وخارج القسم أمير يُعامَل بما يليق بمقامه من تكريم تُراعى فيه البروتوكولات التقليدية. كنت أعامله معاملة التلميذ دون أن أُخِل باحترامه، لم يطلب مني قط أن أُطْلعه مثلا على مواضيع الامتحانات قبل مواعد إجرائها. ولم أكن أحابيه في النقط، إذ كان يأخذ النقط التي يستحقها. ولم يكن يأخذ دائما النقطة الأولى في دروسي. وهذا لا يمنع من القول إنه كانت له مؤهلات عجيبة وقدرة خارقة للعادة على امتلاك المعرفة والتحصيل. لذلك عندما كان يأخذ في امتحاناته عندي الرتبة الأولى ـ وما أكثر ما أخذها ـ كان يستحقها عن جدارة. لقد كان متوقد الذكاء حريصا على التعلم، مثابرا على العمل الدراسي. وكانت له ميول أدبية أكثر من ميوله الرياضية. ولذلك كان متفوقا في الأدب الفرنسي والأدب العربي والجغرافية والتاريخ وغيرها من المواد الأدبية أكثر مما كان متفوقا في دروس الرياضيات والهندسة.

كان إذا تأخر ـ وقلَّما كان يقع ذلك ـ عن الحضور إلى المدرسة بـ10 دقائق أو 15 دقيقة فلأنه كان له عمل مع أبيه. وأغلبية الأساتذة كانوا ينتظرونه حتى يصل. أما أنا فلم أكن أنتظر معتبرا أنه تلميذ. وكل ذلك يتم في جو من الاحترام وإعطاء التلميذ مكانته كأمير وكولي عهد المغرب. ولكني لم أكن أخلط بين المهمتين أو بين الدورين. فدوري كان هو أن يحس الأمير أنه أمام أستاذ يقوم بعمله بروح وضمير المهنة. وأستطيع أن أقول إنني اكتسبت في هذا الجو صداقته من جهة وهيبة واحتراما لشخصي عنده من جهة أخرى. وظل هذا الاحترام يسود علاقاتنا إلى أن تركت العمل معه بالقصر الملكي مستشارا لجلالته ثلاث سنوات قبل وفاته رحمه الله. لقد كان ذكيا إلى درجة أن بعض الأساتذة الذين كانوا يَتملَّقونه أو يتساهلون في التعامل معه لم يكن يضمر لهم الاحترام. وبذلك كان يفرق بين أساتذته الجادّين الذين كانوا يعاملونه معاملة التلميذ ويقومون بواجبهم المهني متجرِّدين عن كل اعتبار آخر وبين المتساهلين.

* قلتم إنه كان يتم اختيار 10 تلاميذ من خيرة نجباء أبناء المغرب في كلٍّ من قسمي المعهد المولوي. لماذا 10 تلاميذ؟

ـ كان السلطان محمد بن يوسف يؤمن بضرورة تنافس التلاميذ بعضهم مع بعض ليدرسوا بجدية. لذلك حرص على أن يرافق ابنَه قرناء في سنه ومستواه من المتفوقين في مدارسهم ليتم هذا التنافس. فيهم من جاء من البوادي والجبال، وفيهم من كان آباؤهم قُوَّادا أو باشوات (القائد حاكم القرية والباشا حاكم المدينة)، وفيهم من كانوا ينتمون إلى الأسرةِ العلوية أسرةِ السلطان. كان من بين التلاميذ عبد الله غرنيط (مراكش)، وأصبح فيما بعد وزيرا في عهد الملك الحسن الثاني، والأمير مولاي يوسف (ابن أخ السلطان محمد بن يوسف الأمير مولاي إدريس خليفته على مدينة مراكش). وكان هناك آخرون من عامة الشعب. كما التحق بالمعهد المولوي في آخر مرحلة دراسة الأمير الثانوية رفيقا لولي العهد التلميذ أحمد عصمان الذي جاء من وجدة (شرق المغرب) وكان من بين تلاميذي في السنة الأخيرة التي تنتهي فيها الدراسة الثانوية بالمعهد. وهو اليوم زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار. وتولى منصبي الوزير الأول ورئيس البرلمان. وكان النظام المتبع آنذاك هو نظام البكالوريا على سنتين. وعصمان التحق في السنة الثانية من البكالوريا، وبقي ملازما لولي العهد عندما التحق بالجامعة وأصبح من أصدقائه المخلصين. وبيني وبينه اليوم صلات مودة وتقدير مشتركة.

المهم أنه كان هناك تنويع ولكن كانت هناك أيضا وحدة المقاييس، أي أن يكون التلميذ نجيبا متفوقا حتى يتنافس ولي العهد مع من يضاهونه على أن يكونوا في نفس السن. إذن، المعهد الملكي كان من جهة نخبويا لأنه معهد أمراء، ومن جهة ثانية شعبيا لأن المرافقين للأمراء كانوا من أبناء الشعب. وكان القصد من هذا المزج هو تربية الأمراء تربية شعبية.

* هل لك أن تحدثني عن الأسماء الأخرى التي درست مع ولي العهد؟

ـ كان من بين التلاميذ أيضا مولاي سلامة بن زيدان وكان والده مؤرخا وصاحب مؤلفات مشهورة خاصة في تاريخ الدولة العلوية وكان يُعتبر مؤرخ القصر الملكي دون أن يحمل هذا اللقب رسميا، وعبد السلام برشيد وكان والده قائدا في برشيد (محافظة سطات)، ومحمد حاجي (أصله من منطقة حاحا، ووالده أيضا كان قائدا في محافظة سطات)، وعبد الحفيظ القادري الذي كان من صميم الشعب وعمل في عدة وظائف سامية في عهد الملك الحسن الثاني.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمود الاردن
عضو متميز
عضو متميز
محمود الاردن


عدد الرسائل : 1572
النقاط المكتسبة من طرف العضو : 6521
خاصية الشكر : 18
تاريخ التسجيل : 07/02/2007

حوار صحفي مع عبد الهادي بوطالب Empty
مُساهمةموضوع: رد: حوار صحفي مع عبد الهادي بوطالب   حوار صحفي مع عبد الهادي بوطالب I_icon_minitimeالأربعاء 07 فبراير 2007, 13:55

يعطيك الف عافيه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد الشاوي
المراقب العام لمنتديات المغرب الملكي
المراقب العام لمنتديات المغرب الملكي
محمد الشاوي


عدد الرسائل : 510
العمر : 37
Localisation : Marrakech
. : حوار صحفي مع عبد الهادي بوطالب 3dflag21
اوسمة العضو (ة) : حوار صحفي مع عبد الهادي بوطالب 120110
النقاط المكتسبة من طرف العضو : 6918
خاصية الشكر : 0
تاريخ التسجيل : 05/02/2007

بطاقة الشخصية
royal: 1

حوار صحفي مع عبد الهادي بوطالب Empty
مُساهمةموضوع: رد: حوار صحفي مع عبد الهادي بوطالب   حوار صحفي مع عبد الهادي بوطالب I_icon_minitimeالأربعاء 07 فبراير 2007, 18:37

اولا اشكرك على ما دونته,ولكن لدي سؤال:اليس هذا الحوار مقتبسا من كتاب نصف قرن في السياسة للدكتور العالم العلامة السيد عبد الهادي بوطالب؟
والسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حوار صحفي مع عبد الهادي بوطالب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نبذة عن حياة السيد محمد بوطالب
» أحمد بوطالب المفتش العام للقوات الجوية الملكية
» بيان صحفي من إدارة موقع المغرب الملكي
» وفد صحفي يعرب يطلع على أصلاحات دستور 2011
» السمارة : موظف بالقسم الاجتماعي يتوعد بمنع صحفي من ولوج مؤسسات الدولة يوما بعد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات المغرب الملكي :: ما كتب و قيل عن ملوك و ملكية المغرب :: منتدى ما كتب و قيل عن الملك الراحل الحسن الثاني-
انتقل الى: