شهد إقليم السمارة خلال نهاية الأسبوع الأخير تساقطات مطرية مهمة بعثت الأمل من جديد في نفوس ساكنة الصحراء, خاصة الفلاحين منهم ومربي الماشية.
واد الساقية ينتعش بسقوط الأمطار(ت:كرتوش)
وتعيد التساقطات الحالية حنين سكان المدينة لضرب الخيام القديمة في الضواحي والبوادي المجاورة رفقة أطفالهم وبعض ماشيتهم للاستمتاع بمشاهد الطبيعة الصحراوية واحتساء كؤوس الشاي التي يتم إعدادها بطقس خاص في هذه المنطقة.
فمدينة السمارة المعروفة بمناخها القاري المتميز بحرارته القوية في فصل الصيف وبالبرودة في فصل الشتاء تعيش هذه الأيام أجواء مختلفة عن الأيام العادية ,وتظهر أثار هذه الأجواء, ليس فقط, في أزقة وشوارع المدينة, التي ربما لن تتحمل الكثير من التساقطات, بل تظهر أيضا على محيا المواطنين الدين تعتمد نشاطات الأغلبية منهم على تربية المواشي من ماعز وأغنام وإبل والرعي وبعض الزراعات المحدودة, بسبب الظروف الطبيعية والمناخية التي يميزها الجفاف بوجه عام.
ويعتبر أحد الكسابين المقيمين بالمدينة أن من مميزات التساقطات المطرية الأخيرة, على الرغم من قلتها, مساهمتها بشكل ملحوظ في النمو السريع للغطاء النباتي بالمنطقة , مضيفا أن المطر من شأنه أن يدفع عددا من الكسابين إلى إعادة قطعانهم إلى مناطقهم الأصلية بالسمارة, خاصة إلى حوزة وروضة سيدي احمد العروسي وضفاف الساقية الحمراء, بعد أن نقلوها قبل أيام إلى أوسرد بإقليم الداخلة, المعروف بوفرة الكلأ.
ويعكس هذا من جهة أخرى ظاهرة الترحال المستمرة لقطعان الماشية , بحيث يمتد الترحال خلال سنوات الجفاف إلى خارج الحدود بحثا عن الأراضي الخصبة.
ومن أجل الحد من الآثار السلبية لهذه الظاهرة وحماية قطعان الماشية وضعت الدولة, منذ سنوات برنامجا يمكن الكسابين كل عام من الحصول على كميات كبيرة من الأعلاف المدعمة كالفصة اليابسة والشمندر والشعير.
وبخصوص التزود بالماء توجد بعين المكان ثلاث شاحنات صهريجية مخصصة لنقل الماء إلى مواقع تواجد الماشية, حيث يتم تزويد جميع المطفيات والصهاريج, سواء المنجزة من قبل المديرية الإقليمية للفلاحة أو من قبل الخواص.
فمساحة الأراضي المزروعة في إقليم السمارة تختلف بشكل ملحوظ من سنة إلى أخرى, تبعا للتساقطات المطرية , وتناهز اليوم ما مجموعه1071 هكتار.
أما الثروة الحيوانية, حسب إحصائيات رسمية للسلطات المعنية بالإقليم, فهي تفوق اليوم140 ألف رأسا موزعة ما بين ماعز وأغنام وإبل.
وعلى الرغم من الطابع الصحراوي لإقليم السمارة فإنه يتوفر على مساحة غابوية تقدر ب130 ألف هكتار, مما يجعل الغابة أحد الروافد الهامة للاقتصاد المحلي.
وتتكون المساحة الغابوية الموزعة بتفاوت عبر تراب جماعات الإقليم, على ضفاف الأودية والمنخفضات, من شجر الطلح والجداري والأركان, وهي توجد في حالة جيدة وتتراوح نسبة كثافتها ما بين20 و100 شجرة في الهكتار الواحد.
ويكتسي المجال الغابوي في إقليم السمارة أهمية قصوى باعتباره عاملا مساهما في مكافحة التصحر ومقاومة زحف الرمال وحماية التربة من الانجراف بالإضافة إلى توفيره الكلأ للماشية.
ويرتقب أن يكون للتساقطات المطرية الحالية آثار ناجعة على الثروة الوحيشية في هذا الإقليم وهو معطى طبيعي هام, حيث تتشكل هذه الثروة أساسا من طائر الحبار والحجل البري وكذا الأرنب وثعلب الرمال والقنفذ وغزال آدم والضبع وبعض الطيور النادرة والمهددة بالإنقراض كالنعامة.
ومن المؤكد - حسب بعض الكسابين والمزارعين والمولعين بالصيد البري - أن تستفيد هذه الثروة الحيوانية من الأمطار مما يجعلها تكرس أهميتها باعتبارها قيمة تنضاف إلى المجال الغابوي في إقليم السمارة.
غير انه من أهم انتظارات ساكنة الصحراء من الأمطار المتهاطلة هو ما تخلفه هذه الأخيرة من وفرة لماء الغدير , وهو الماء الذي يستعمل أساسا لإعداد كؤوس الشاي.
كما أن هذه الأمطار ستزيد خلال الأسابيع القليلة القادمة من رونق جمالية الطبيعة الصحراوية, عند امتلاء وادي الساقية الحمراء والجداول المتفرعة عنه بالمياه.
فالأمطار في إقليم السمارة قليلة بالنظر إلى مقاييسها في باقي أقاليم وجهات المملكة, ورغم ذلك فتساقطها يضفي الحركية ويبعث عن الأمل لدى كل الكائنات الحية بالمنطقة , وعلى رأسها الإنسان.