صفة الخوارج:
إن الخوارج من الفرق الاسلامية التي ظهرت أولى مقالاتها على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) , وسيستمر خروجها حتى يخرج آخرهم مع الدجال , فعن أبي برزة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [يخرج في آخر الزمان قوم كأن هذا منهم، هديهم هكذا يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يرجعون إليه ووضع يده على صدره سيماهم التحليق، لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم! هم شر الخلق والخليقة]
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [ينشأُ نَشْءٌ يقرؤون القرآن لا يُجاوِز تراقيهم، كلما خرج قرنٌ قُطِع )) قال ابن عمر: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (( كلما خرج قرنٌ قُطع )) أكثر من عشرين مرة: (( حتى يَخرج في عِراضهم الدَّجَّال ((صحيح ابن ماجه)) للألباني رقم (144) وقال: " حسن ".
وبنص هذه الأحاديث اجاب الشيخ العلاّمة الفوزان – حفظه الله – جوابا عن السؤال التالي : هل يوجد في هذا الزمان من يحمل فكر الخوارج؟
فقال الشيخ:
يا سبحان الله، وهذا الموجود أليس هو فعل الخوارج، وهو تكفير المسلمين، وأشد من ذلك قتل المسلمين والاعتداء عليهم، هذا مذهب الخوارج.
وهو يتكون من ثلاثة أشياء:
أولاً: تكفير المسلمين.
ثانياً: الخروج عن طاعة ولي الأمر.
ثالثاً: استباحة دماء المسلمين.
هذه من مذهب الخوارج، حتى لو اعتقد بقلبه ولا تكلم ولا عمل شيئاً، صار خارجياً، في عقيدته ورأيه الذي ما أفصح عنه" [ كتاب : "الفتاوى الشرعية في القضايا العصري" لفهد الحصين ] .
وههنا نورد بعض أوصاف خوارج العصر كما نص عليها كبار علماء الامة لا سيما وانهم لا يعرفهم كثير من الناس لأن أهل البدع بصفة عامة لا يستطيع تمييزهم عامة الناس إلا إذا كانوا أهل منعة وشوكة أو أن يكونوا منعزلين عن المخالفين لهم، قال شيخ الإسلام في كتاب النبوات (1/139) : " وكذلك الخوارج لما كانوا أهل سيف وقتال ظهرت مخالفتهم للجماعة حين كانوا يقاتلون الناس وأما اليوم فلا يعرفهم أكثر الناس" .
والخوارج لهم صفات يعرفون بها ، لكن ينبغي أن يعلم أن بعض هذه الصفات عرفت عنهم بالتتبع والاستقراء وكلام العلماء ، ولا يشترط في كل صفة تذكر عنهم أن يقروا بها ، قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (13/49) : "وأقوال الخوارج إنما عرفناها من نقل الناس عنهم لم نقف لهم على كتاب مصنف"
بل إن الباحث يجد أن الخوارج الأولين المتفق على ضلالهم قد استشكل أمرهم على أهل عصرهم فكيف بمن يظهرون الانتساب إلى السنة في هذا العصر وهم خوارج شعروا أم لم يشعروا .
وإليكم إخواني بعضاً من صفاتهم المستقاة من فتاوى علماء العصر:
أولا : التدين بالخروج على ولاة الأمر وعدم السمع والطاعة لهم بالمعروف:
سئل سماحة الإمام عبد العزيز بن باز – رحمه الله - : "س: بعض الأخوة – هداهم الله – لا يرون وجوب البيعة لولاة الأمر في هذه البلاد، فما هي نصيحتكم سماحة الوالد؟
فأجاب رحمه الله : ننصح الجميع بالهدوء والسمع والطاعة – كما تقدم – والحذر من شق العصى والخروج على ولاة الأمور لأن هذا من المنكرات العظيمة، هذا دين الخوارج ، هذا دين الخوارج دين المعتزلة، الخروج على ولاة الأمور وعدم السمع والطاعة لهم في غير معصية، وهذا غلط خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسمع ولطاعة بالمعروف وقال: (( من رأى من أميرة شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يداً من طاعة )) وقال: (( من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاضربوا عنقه )) فلا يجوز لأحد أن يشق العصا أويخرج على ولاة الأمور أو يدعوا إلى ذلك فهذا من أعظم المنكرات وأعظم أسباب الفتنة والشحناء والذي يدعوا إلى ذلك هذا دين الخوراج والشاق يقتل لأنه يفرق الجماعة ويشق العصا ، فالواجب الحذر من ذلك غاية الحذر، والواجب على ولاة الأمور إذا عرفوا من يدعوا إلى هذا أن يأخذوا على يديه بالقوة حتى لا تقع فتنة. [ من شريط بعنوان : " حكم الحملات الإعلامية على بلاد الحرمين" ] .
وقال – رحمه الله - ( وهذه الدولة بحمد الله لم يصدر منها ما يوجب الخروج عليها، وإنما الذي يستبيحون الخروج على الدولة بالمعاصي هم الخوارج ، الذين يكفرون المسلمين بالذنوب، ويقاتلون أهل الإسلام، ويتركون أهل الأوثان، وقد قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم إنهم: (( يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية )) وقال: (( أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة )) متفق عليه. والأحاديث في شأنهم كثيرة معلومة )) [مجموع فتاوى سماحته (4/91)] .
وقال محدث العصر الإمام الألباني رحمه الله تعالى عند حديث ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة ..) بعد أن رد على الخوارج قال: "والمقصود أنهم سنّوا في الإسلام سنةً سيئة ،وجعلوا الخروج على حكام المسلمين ديناً على مر الزمان والأيام ، رغم تحذير النبي صلى الله عليه وسلم منهم في أحاديث كثيرة ، منها قوله صلى الله عليه وسلم ((الخوارج كلاب النار)).
ورغم أنهم لم يروا كفراً بَواحاً منهم ، وإنما ما دون ذلك من ظلم وفجور وفسق .
واليوم – والتاريخ يعيد نفسه كما يقولون- ؛ فقد نبتت نابتة من الشباب المسلم لم يتفقهوا في الدين إلا قليلا ورأوا أن الحكام لا يحكمون بما أنزل الله إلا قليلا فرأوا الخروج عليهم دون أن يستشيروا أهل العلم والفقه والحكمة منهم بل ركبوا رؤوسهم أثاروا فتناً عمياء وسفكوا الدماء في مصر وسوريا , والجزائر وقبل ذلك فتنة الحرم المكي فخالفوا بذلك هذا الحديث الصحيح الذي جرى عليه عمل المسلمين سلفا وخلفا إلا الخوارج) . [أنظر السلسلة الصحيحة المجلد السابع / القسم الثاني صـ1240-1243]
2- تكفير مرتكب الكبيرة:
وسئل الإمام إبن باز رحمه الله :
سماحة الوالد : نعلم . أن هذا الكلام أصل من أصول أهل السنة والجماعة ، ولكن هناك- للأسف- من أبناء أهل السنة والجماعة من يرى هذا فكرا انهزاميا ، وفيه شيء من التخاذل ، وقد قيل هذا الكلام؛ لذلك يدعون الشباب إلى تبني العنف في التغيير ؟.
فأجاب : هذا غلط من قائله ، وقلة فهم ؛ لأنهم ما فهموا السنة ولا عرفوها كما ينبغي ، وإنما تحملهم الحماسه والغيرة لإزالة المنكر على أن يقعوا فيما يخالف الشرع كما وقعت الخوارج والمعتزلة ، حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق ، حملهم ذلك على أن وقعوا في الباطل حتى كفروا المسلمين بالمعاصي كما فعلت الخوارج ، أو خلدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة .
فالخوارج كفروا بالمعاصي ، وخلدوا العصاة في النار ، والمعتزلة وافقوهم في العاقبة ، وأنهم في النار مخللدون فيها . ولكن قالوا : إنهم في الدنيا بمنزلة بين المنزلتين ، وكله ضلال .
والذي عليه أهل السنة- وهو الحق- أن العاصي لا يكفر بمعصيته ما لم يستحلها فإذا زنا لا يكفر ، وإذا سرق لا يكفر ، وإذ شرب الخمر لا يكفر ، ولكن يكون عاصيا ضعيف الإيمان فاسقا تقام عليه الحدود ، ولا يكفر بذلك إلا إذا استحل المعصية وقال : إنها حلال ، وما قاله الخوارج في هذا باطل ، وتكفيرهم للناس باطل ؛ ولهذا قال فيهم النبي : ( إنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرميه ثم لا يعودون إليه يقاتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان.