انتقل إلى عفو الله السيد ادريس بنزكري، رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الانسان، أمس الاحد بالرباط. وبمجرد ما علم صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بوفاة السيد ادريس بنزكري وجه جلالته برقية تعزية ومواساة إلى أسرة الفقيد.
وفي ما يلي نص البرقية :
"محبي جنابنا الشريف أفراد أسرة المناضل المرحوم الأستاذ إدريس بنزكري رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
وبعد، فقد علمنا بعميق الأسى وبالغ التأثر بأن الأجل المحتوم قد وافى المشمول بعفو الله تعالى، المرحوم الأستاذ المناضل إدريس بنزكري، رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، تغمده الله بمغفرته ورضوانه.
وبهذه المناسبة المحزنة، نعرب لكم، ومن خلالكم لكافة رفاقه وأصدقائه عن أحر تعازينا وصادق مواساتنا، في هذا الرزء الفادح الذي لا راد لقضاء الله فيه، سائلين الله عز وجل أن يتقبل الفقيد العزيز مع الذين أنعم عليهم من عباده الصالحين.
وإن رحيله ليعد خسارة كبيرة، ليس بالنسبة لأسرتكم فحسب، ولكن بالنسبة للمغرب ككل، وللمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان خاصة، الذي عهدنا برئاسته إليه، فعمل بكل تفان ونزاهة ووفاء للثوابت الوطنية والمبادئ الكونية السامية، على نصرة القضايا العادلة لحقوق الإنسان.
وسيظل فقيد الوطن الكبير خالدا في ذاكرة جلالتنا، بإسهامه الرائد في العمل التاريخي والفاعل على رأس هيأة الإنصاف والمصالحة، التي كانت لبنة أساسية في تحقيق الانتقال الديمقراطي الذي نقوده. كما سيظل بالنسبة لجلالتنا وللأجيال المتعاقبة على مر الأزمان، رمزا حيا للالتزام والشجاعة ونكران الذات، التزام بالقضايا العادلة والمصالح العليا للوطن والمواطنين، التزام بالتضحية من أجل ترسيخ حقوق وواجبات المواطنة الكاملة، شجاعة في المواكبة الإيجابية للتحولات التي يعرفها المغرب، والإسهام الفاعل فيها، من مختلف المواقع والجبهات والمنتديات والمؤسسات، التي تقلد مسؤوليتها، بحكمة وتبصر. شجاعة في مواجهة الداء العضال الذي ألم به، متحملا معاناته في صبر وتجلد وعزة نفس، وإيمان بقضاء الله وقدره، مزاولا مهامه بكل حزم وتفاؤل ومسؤولية، إلى آخر أيامه. فالأشجار تموت واقفة.
وإن خير عزاء ووفاء لروح الفقيد الطاهرة، استمرار تظافر الجهود المخلصة لجميع القوى الحية للشعب المغربي، من أجل النهوض بحقوق الإنسان، في أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ونصرتها، تربية وثقافة وممارسة، في نطاق دولة الحق والقانون والمؤسسات، التي نواصل استكمال ترسيخ دعائمها الصلبة وأسسها المتينة، المتمثلة في المواطنة الملتزمة، حقوقا وواجبات.
وإذ نشاطركم أحزانكم في هذا المصاب الجلل، فإننا نؤكد لكم أن ما كنا نكنه له من تقدير كبير وعطف خاص، لا يعادله إلا حرصنا على استمرار نفس العناية والتقدير لأسرته الكريمة، التي أعطت للوطن مناضلا فذا، ومسؤولا ملتزما وصادقا ووفيا، من طينته النادرة.
فالله تعالى نسأل أن يتغمد الراحل الكبير بواسع رحمته وغفرانه ويسكنه فسيح جنانه، وأن يجزيه خير الجزاء على ما أسداه لهذا الوطن العزيز من خدمات جليلة،وأن يعوضكم عنه جميل الصبر وحسن العزاء.
مع أحر تعازينا وصادق مواساتنا وموصول عطفنا.
" يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
" وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ".